منكروا ( السنة النبوية) .. ونكرانهم لآية القرآن
(وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)
بقلم : الباحثة وديعة عمراني
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين .
اخوتي في الله ،
سلام الله عليكم ورحمة الله
في هذا الحديث ، سنحاول أن نعالج قضية – ذات نوع من الخطورة– على مسار عقيدتنا وفكر العامة ، حيث تنهض أحيانا بعض النداءات والشعارات الضالة لجماعات تنادي بمحاربة (السنة النبوية ) ، وهجرها وتطليقها نهائيا والاكتفاء فقط ( بالقرآن الكريم ) ، والجماعة يطلق عليها جماعة ( القرآنيون ) .
تتكئ أفكار وحجج تلك ( الجماعة ) على عدد من الآيات في القران الكريم التي تبين (على حسب تفسيرهم) ، أن القران حمله معه (بيان كل شيء) مصداقاً لقوله تعالى ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)) ، ومن ثم لا داعي إطلاقا والرجوع إلى السنة النبوية !!
وطبعا نحن نؤمن ونسلم أن القران الكريم – الكتاب المبين فيه بيان كل شيء ، وان الآية الكريمة ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ)) أمر الهي حق من الله تعالى ..
ولكن العجيب ... أن تلك الجماعة ( القرآنيون ) منكروا السنة النبوية .. هم أول من أنكروا بيان تلك الآية( التي يعتمدون عليها كحجة قوية في حواراتهم ) ، وأنكروا وما حملت من أمر الهي عظيم !!
سيسألني الآن سائلا .. ولكن كيف ؟! وتكون الاجابة بعرض بعض الأمثلة لتقريب الفهم على تلك الجماعة ( لعل الله تعالى يهديهم للحق وينور بصيرتهم ) .
المثال :
خد – مثلا- أبا أراد السفر في غياب مؤقت على أسرته وأولاده ، فنادى الأولاد ليلقنهم بعض النصائح قبل السفر لكي يلتزمون بها .
ونأخد مثلا من ضمن تلك الإرشادات والنصائح التي بيَّنها ووجها لأولاده هي :
- عدم التأخير خارج البيت فوق صلاة العشاء
- الالتزام بمواعيد دراستكم وتحصيلكم العلمي
- اهتمامكم بزيارة جدتكم وتلبية طلباتها إن احتاجت لشيء
- مساعدة أمكم في قضاء الحوائج خارج البيت .
- لا تنسوا وقت تسديد فاتورة الكهرباء وباقي الفاتورات الشهرية للمنزل ، وحافظوا على المال لا تبدروه في مصاريف فائضة .
- وأخيرا .. استمعوا الى كل توجيهات والدتكم عند غيابي ، فهي أمكم لها خبرة تربيتكم والخوف على مصالحكم رحمة بكم .
ما سطرنا يعتبر في مفهوم- العقل والمنطق -مجموعة من البيانات التي صدرت على شكل ونصائح وأوامر لا بد أن تتبع ، لقنها الأب لأبنائه .
ولعلنا – يتضح لنا مفهوم وصيغة (الأمر ) جيدا في آخر (بيان) وضعه الأب على طاولة الأبناء حين أمرهم ( بالامتثال لكل نصيحة وأمر من والدتهم ) .
فهل سيكون الأبناء امتثلوا لـ ( بيان ) والدهم .. اذا طبقوا كل نصائحه ،ولكنهم لم يمتثلوا ( للأمر ) الأخير ( المتعلق بإتباع توجيهات والدتهم ) ؟؟ ... طبعا .. الجواب هو .. لا !!
فلن يكون الامتثال ( كاملا ) .. الا بإتباع كل أوامر الأب .
أظن ان هذا المثال ... سهل .. وواضح للفهم
ولكنه ما علاقته –بموضوعنا- وقضيتنا ..؟!
سنجيب ونقول ( ولله المثل الأعلى ) فان هذا المثال يشرح شرحا وافيا ما يقوم به القرآنيون بالضبط .. فهم كاولائك الآبناء ( ولله المثل الأعلى ) الذين امتثلوا لبعض اوامر الله تعالى ،ورفضوا ( لب )الامتثال لأهم وأعظم أمر لا يقوم ايمان الا معه ..لأنه لا اله الا الله محمد رسول الله .
فهم شهدوا ان لا اله الا الله ... وتركوا الامتثال لشهادة ( الرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام) بعيدا عن مجال ( تطبيقاتهم ) ...واسلامهم .
** فحين يقول رب العزة (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) .. فتلك الآية- يا اخوتي في الله - ما معناها ؟؟
أليس معناها ان الحق تعالى انزل في هذا القران الكريم :
- بيان كل أية
- وتفصيل كل امر ( نضع الف سطر احمر تحت هذا المعنى : تفصيل كل أمر )
- وشرح كل واجب
فلماذا اذن لم يمتثل( القرآنيون ) لقول الحق تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب } (الحشر:7)
ام أن الآية الكريمة المستشهد بها – الان – ليست من اوامر الله تعالى وليست من ( تبيان كل شيء ) ؟
أم يعتقد أولائك القرآنيون ان ( التبيان ) متعلق في شرح بعض الآيات الكونية او المناسك العقائدية ..، وان الأوامر الالهية المنصوص عليها في بيان ( الذكر الحكيم ) لا تدخل إطلاقا في نص ( كل شيء ) .
وبذلك يكونون هم اول من أنكروا الآية الكريمة ((وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ)) .. التي يعتمدون عليها كحجة في اثبات أقوالهم الضالة !!
فسبحان الله .... ولا حول ولا قوة الا بالله
يقول الحق تعالى ( قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (آل عمران : 32 )
والغريب والعجب في الأمر أن كل الآيات الكريمات التي ذكرت (أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً) و (تبيانا لكل شيء) (قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ) (فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلا) تشير كلها الى مغبة عدم الامتثال لأوامر الله تعالى .. فكيف لا يمتثل القرآنيون لتلك الأوامر .. ويرفضون الآية الكريمة ((وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا، واتقوا الله إن الله شديد العقاب)) .
ندرج في نهاية – هته التذكرة– نص تلك الآيات للبينة :
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ (113) أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ (114) وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (115) وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116) إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) ( الأنعام : 112- 117 )
يقول الحق تعالى ( الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (88) وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) ( سورة النحل : 88-89 ) )
يقول الحق تعالى ( فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ (126) لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ( الأنعام : 125 – 127)
يقول الحق تعالى (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14) مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا) ( الاسراء : 12-14) .
اقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم
والحمد لله تعالى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق