علوم القرءان ، منقذ البشرية

علوم القرءان ،  منقذ البشرية
Science du Coran ; Sauveur de l'humanité Les Civilisés sont incapables de corriger ce que leur civilisation a gâché

الاثنين، 31 مايو 2010

على أبواب جهنم ونعيم الجنة : حرف ( الواو) يصنع إعجازا / الباحثة وديعة عمراني


على أبواب جهنم ونعيم الجنة : حرف ( الواو) يصنع إعجازا
بقلم وديعة عمراني
باحثة إسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أما بعد ،
إنها معجزة القرآن الكريم الذي لا تنتهي عجائبه،ولا تنقض غرائبه ، ولا يشبع منه العلماء ولا يمل منه الفقهاء ، يقول الحق تعالى (إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) [ الإسراء : 107-19] .
كنوزه دفينة وأسراره عظيمة، فهو النور الشافي، والحصن الهادي، يخاطب به الله تعالى الخلق كافة في مشارقهم ومغاربهم، وعلى اختلاف ألسنتهم وصفاتهم ولهجاتهم وأزمانهم وأصقاعهم.
فهو الذكر الحكيم ، والكتاب المبين ، الذي أتى من اللازمان واللامكان ، ليحكم كل زمان وكل مكان ، فهو الكامل الدائم الذي جاء ليحكم كل مؤقت ومتغير .
ومن هذا المنطلق كان لمجال الإعجاز العلمي أهمية قصوى في إظهار بعض جوانب هته الديمومة الكاملة والمعجزة الخالدة ، والكشف عن بعض أسرارها وكنوزها كشفاً دائماً مستديماً ، والناظر إلى آيات القرآن وأسرارها العظيمة يرى في ذلك العجب العجاب ، وكأنها على موعد دائم معنا ، فهي تنطق في كل مرة لتكشف عن بعض أسرارها بما يوافق زماننا ومكاننا ، وتأتي في زمن آخر لتكشف عن أسرار أخرى ـ لها ـ بما يوافق مواصفات ذلك الزمان وذلك المكان أيضاً ، وهكذا في كل مرة في إعجاز عظيم دائم ومستديم .
وحديثنا اليوم كما يتضح من عنوانه ( على أبواب جهنم ونعيم الجنة ) يتطرق إلى إحدى هته الحقائق لآية عظيمة من آيات (سورة الزمر )، تصف لنا في إعجاز بلاغي وبيان علمي وتحليل نفسي دقيق ومبهر إحدى تلك المشاهد من مشاهد يوم القيامة ونيل الجزاء ،حين تتوفى كل نفس عملها ، فيساق الكافر إلى أبواب جهنم ويساق والمؤمن إلى نعيم الجنة ، يقول الحق تعالى ( وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) [ الزمر : 70ـ75] .
سنحاول من خلال سطورنا القادمة إظهار بعض ما تحمله الآية الكريمة من أوجه الإعجاز ،في وصف دقيق لتلك المشاهد واختلافاتها ، وستكون بدايتنا مع أول مشهد :
أول مشهد : أول إعجاز ( حرف " الواو " يصنع إعجازا ) 1-
أصحاب جهنم: (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) .
أصحاب الجنة: (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) .
نلاحظ أن الفرق بين المشهدين تَمثّل في حضور أو غياب حرف (الواو ) عند الآية الكريمة التي تصف مشهد أصحاب جهنم (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) و الأخرى التي تصف مشهد أصحاب الجنة ( حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) ، حيث صنع تواجد حرف الواو مع لفظ (فُتِحَتْ) من عدمه في كلا المشهدين إعجازا عظيماً مبهراً ، يصف لنا في دقة متناهية الفرق بين المشهدين بما يوافق حال أصحاب الجنة مقارنة مع حال أصحاب جهنم ، ولنسلط بعض الضوء على هذا الفرق وهته الحقائق :
- فأصحاب جهنم : (وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ) ، جاء في تفسير الآية الكريمة ( يخبر تعالى عن حال الأشقياء الكفار كيف يساقون إلى النار وإنما يساقون سوقا عنيفا بزجر وتهديد ووعيد كما قال عز وجل (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ دَعّاً) أي يدفعون إليها دفعا وهذا وهم عطاش ظماء كما قال جل وعلا في الآية الأخرى "يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَـنِ وَفْداً * وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً" ) .
ونلاحظ في هته الآية الكريمة أن الجملة الرابطة بين وصول أصحاب جهنم إلى أبواب جهنم (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا ) وفتح الأبواب ( فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) جاء دون ذكر حرف ( الواو) ، ولعدم ذكر (الواو) هنا إعجاز بياني وعلمي عظيم يصف لنا بدقة متناهية إعجاز هذا المشهد ، بحيث إذا تأملنا سنرى انه من الطبيعي جدا أن لا يحضر حرف ( الواو ) هنا ، فجهنم لكونها تمثل كارثة من الكوارث العظمى وفزع عظيم وصاعقة ستنزل على أهل الكفر والشرك جزاء كفرهم واستكبارهم على الحق ، لا تحتاج أن تُمهِل الكافر!! بل دوماً تأخذ الكوارث والصواعق الإنسان على حين غرة ، ومن أجل ذلك وُصِفت الكارثة ( بالفاجعة) ، فهي تفجع أهلها على غير موعد ولا انتظار، فما بالكم إذا كان الأمر يتعلق بعذاب ( بجهنم) ونار جهنم ، فهي الصاعقة العظمى والفزع الأكبر لأصحاب الكفر الذين سيخلدون فيها أبد الآبدين ، لذلك فجهنم لم تُمهِلهم وقوفاً عند أبوابها ، فما كاد يصل الكافر إلى مشارف جهنم حتى فَتحَت تلك الأخيرة أبوابها في تعطش لإحلال العقاب بأهل الكفر والعصيان ، وفي ذلك قال أهل التفسير : (وقوله تبارك وتعالى " حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا " أي بمجرد وصولهم إليها فتحت لهم أبوابها سريعاً لتعجل لهم العقوبة ، يقول الحق تعالى (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ * وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ
لِلْغَاوِينَ ) .
فعدم ذكر حرف ( الواو ) يهدف إلى خلق مشهد فظيع مفاجئ لأهل الكفر والعصيان ، فلننظر معاً ونحاول أن نتصور ذلك المشهد ،فأصحاب جهنم مكبلون بالسلاسل يساقون إلى أبواب جهنم سوقا عنيفا بزجر وتهديد ووعيد ،حالتهم النفسية في رعب عظيم وفزع أعظم ، وهم يحاولون الرجوع والفكاك ، ولكن هيهات هيهات أين المفر!! ..وفجأة دون مقدمات تُفتَح أبواب جهنم ، فتحل الصاعقة و الصدمة المفاجأة بهم ، وهته كلها حالات توافق وفاقاً تاماً نوع الجزاء ونوع العقوبة المستحقة للمشركين .تتجلى في حضور الحالات التالية :
الفزع الرعب .
حضور عنصر المباغتة والمفاجأة .
الكارثة . 
الصدمة .
ولذلك جاءت بقية الآية الكريمة تصف سؤال خزنة جهنم للكفار في اتفاق لتصعيد عنصر الندم والفزع وذلك حين( يقول لهم خزنتها من الزبانية الذين هم غلاظ الأخلاق شداد القوى على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل " ألم يأتكم رسل منكم " أي من جنسكم تتمكنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم " يتلون عليكم آيات ربكم " أي يقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه " وينذرونكم لقاء يومكم هذا " أي ويحذرونكم من شر هذا اليوم ؟ فيقول الكفار لهم " بلى " أي قد جاءونا وأنذروا وأقاموا علينا الحجج والبراهين " ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين " أي ولكن كذبناهم وخالفناهم لما سبق لنا من الشقوة التي كنا نستحقها حيث عدلنا عن الحق إلى الباطل كما قال عز وجل مخبرا عنهم في الآية الأخرى " كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزل الله من شيء إن أنتم إلا في ضلال كبير وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير " أي رجعوا على أنفسهم بالملامة والندامة " فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير " أي بعدا لهم وخسارا ) ( ابن كثير ) .
- أما في المشهد الآخر لأصحاب الجنة: فنلاحظ أن الجملة الرابطة بين وصول أصحاب الجنة إلى الجنة (حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا) وفتح الأبواب (وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا) جاء مع ذكر حرف (الواو) ، فما المعنى وما المقصود من هذا الفرق بحضور حرف ( الواو ) هنا ؟! طبعا هناك فرق ، وهناك فرق عظيم وعظيم جدا ، فهذا عرس .. هذا مشهد من مشاهد الفوز العظيم ، هذا مشهد يصف استعداد أهل الجنة دخولهم إلى نعيمها الخالد ، فهل رأيتم مرة عرسا دون استعدادات !! فما بالك بعرس الجنة ، القائم عليه ملائكة الرحمن ، برعاية من الحنان المنان الله مالك الملك رب السموات والأرض ونعيم الجنان .
و لقد جاء في تفسير الآية الكريمة (وسيق الذين اتقوا ربهم" بلطف "إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابه ، وهو إخبار عن حال وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفدا إلى الجنة " زمرا " أي جماعة بعد جماعة ) .
فالجنة تتهيأ لتزف إليها أحباب الرحمن ،أهل التقوى والإيمان ، وهم واقفون مبتهجون ، يتطلعون بشوق إلى ذلك النعيم ، ونورهم يسعى بين أيديهم ، انه بحق مشهد عظيم ، لا يستطيع أن يتصوره عقل، أو أن يحيط به قلب ، وبينما القوم في غبطتهم العظيمة تلك وسعادتهم الفائقة ،وإذا بأبواب الجنة تفتح، فتفوح نسمتها تغمر القلوب المؤمنة ، فيهبوا ليدخلوها خالدين فيها بأمان وسلام، انه مشهد عظيم من مشاهد الفوز بالنعيم الخالد ،ولقد جاء في الحديث الشريف ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
" أنا أول شفيع في الجنة " وفي لفظ لمسلم " وأنا أول من يقرع باب الجنة " . وقال الإمام أحمد حدثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟ فأقول محمد - قال - فيقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك ) ورواه مسلم عن عمرو بن محمد الناقد وزهير بن حرب كلاهما عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان وهو ابن المغيرة القيسي عن ثابت عن أنس رضي الله عنه به) .
وكخلاصة :
من هذا الفرق أدركنا كيف أن حضور أو غياب حرف من حروف القرآن الكريم صنع إعجازا عظيما في هته الآية الكريمة ، ولعلنا إذا ألقينا نظرة موجزة إلى مقاصد هذا الحرف في علم الحرف القرآني سنلاحظ أن حرف ( الواو ) يمثل فاعلية ربط بين معاني ودلالات الجمل والعبارات المستهدفة في الحديث أو في (الجملة) .
1- فمثلا حين نقول ( استأذن ودخلت ) :(فالواو) شكلت هنا رابط تبادلي تظهر فيه علامات الرضا المتبادل بين فعل (الاستئذان) أي الاستئناس قبل الدخول ،وفعل ( الدخول ) ، فالواو إذن حققت معنى الترابط التبادلي ( الراضي والمرضي ) بين الفعلين .
2- أما إذا قلنا مثلا (فور دخولي رن الهاتف ) :هنا انعدم ذكر حرف الواو في الرابط التفاعلي بين اللفظين ، فلم يوجد إذن ذاك الترابط التبادلي بين فعل ( الدخول ) و( رنين الهاتف ) ، أي أن رنين الهاتف فاجأني في ذلك الوقت دون استعداد مني مسبق لتقبل ذلك ( الفعل ) ، أي رغما عني ، ورنينه لم يأتي بشكل مستأنس ، أما إذا قلنا مثلا ( حين دخولي خلدت لبعض الراحة ، ورن الهاتف ).. هنا نلاحظ حضور الشعور بالاستئناس والرضا من ذلك الرنين .
وعلى النفس المنوال( تشبيهاً لا تطابقاً ) كان حضور حرف ( الواو) أو انعدامه يحمل نفس معنى ذلك الرابط ( الراضي المرضي من عدمه ) في إعجاز مشهد أهل الجنة وأهل الجحيم :
1- حيث ظهر حرف ( الواو) في مشهد أصحاب الجنة وكانت كلمة ( وفتحت )، أي هناك رابط تبادلي بين أصحاب النعيم وذلك النعيم ، فالجنة احتوت ( فُتِحَت ) للمؤمنين برابط تبادلي ( راضية مرضية ) ادخلوها بسلام آمنين .
2- أما في حالة أصحاب النار فلا يوجد رابط تبادلي مثل أهل الجنة بل (فائقية تبادلية) أي غصبا على أنوفهم يدخلون جهنم والتبادلية هي مع أفعالهم التي فعلوها ، فاختف بذلك القصد باختفاء حرف الواو.

2- المشهد الثاني : (على أبواب جهنم ) أو ( نعيم الجنة )
يأتي المشهد الثاني ليُظهِر لنا إعجاز آخر في وصف حالة أصحاب الجنة وأصحاب النار واستعدادهم للدخول إلى جنات النعيم أو عذاب الجحيم ، وكما في المشهد الأول فان هذا المشهد الثاني جاء ليوافق توافقاً مبهراً الفرق بين المشهدين :
- أصحاب جهنم : (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) ،جاء في تفسيره (تقول خزنة جهنم للذين كفروا حينئذ "ادخلوا أبواب جهنم "السبعة على قدر منازلكم فيها " خالدين
فيها " ) .
نلاحظ في هذا المشهد أن الخطاب جاء لأهل الكفر بالدخول أولا إلى (أبواب جهنم) في قوله تعالى
( ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ)، ولم تأتي الآية مثلا بصيغة ( ادخلوا جهنم خالدين فيها ) ،والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هنا : لماذا ذكرت هنا ( أبواب جهنم) ولم تذكر( جهنم ) مباشرة ؟! إن الإجابة على هذا السؤال يحمل معه إعجازاً عظيماً ومبهراً يوافق حالة تصعيد الهلع والفزع الأعظم المرتقب من عذاب جهنم ، حيث نلاحظ أن حالة تصعيد الفزع تلك ابتدأت بحضور (عنصر المباغتة والمفاجأة ) بفتح أبواب جهنم مباشرة ثم تلتها الآن هته ـ المرحلة الثانية ـ بدخول أهل الكفر من ( أبواب جهنم ) أولاً قبل وصولهم إلى مقاعدهم من النار، فذلك الوقت وتلك المسافات التي يقطعها كل كافر داخل تلك الأبواب ( باب جهنم جزء من عذاب جهنم وكل قد عرف بابه ) حتى يصل إلى موقعه القار داخل قاع جهنم ، يحمل الكثير والكثير من عناصر تصعيد وثيرة الفزع والهلع من العذاب الخالد المقترب .
ولتقريب صورة هذا المشهد لكم سنحاول أن نستشهد بمثال ( تشبيهاً لا تطابقاً ) يلقي الضوء على عنصر تصعيد الفزع مع حضور مادة ( الأبواب ) : فمثلا نلاحظ في بعض اللقطات من الأفلام السينمائية التي تستعرض علينا قصص بعض المجرمين وإقامتهم داخل السجون ، كيف أن معظم تلك السجون مبنية على شكل أبواب ودهاليز عديدة متداخلة في ما بينها ، حيث نرى ـ مثلا ـ كيف يتم سحب المجرم وهو مكبل بالقيود من باب إلى باب داخل تلك الدهاليز والممرات حتى يصل إلى العنبر والمكان المخصص له داخل ذلك السجن ، ونلاحظ أيضا كيف يَتملّك ذلك السجين الكثير من الرعب والهلع من الموقف وهو منقاد داخل تلك الأبواب الموحشة ، لا يعرف كيف سيكون مصيره !! وما ينتظره من عقاب !!
فحضور الأبواب بالسجن هو مثال واقعي عرضناه للتشبيه فقط لتوضيح المغزى والمعنى من حضور الأبواب ، والمسافات التي يقطعها كل مجرم حتى يصل إلى مقره داخل ذلك السجن في تصعيد واضح لعنصر الخوف والفزع ، وطبعا نحن لا نشبه ( أبواب جهنم ) بـ ( أبواب تلك السجون ) ، فعذاب جهنم وأبواب جهنم الله وحده أعلم به ( ولله المثل الأعلى ) ، ولكن نحن نعرض فقط فكرة حضور ( الأبواب ) داخل ( مكان مفزع ) معد للعقاب وسحب المجرم داخل تلك الأبواب في تصعيد واضح لعامل ( الهلع والفزع ) .
وكذلك جاء الإعجاز القرآني العظيم بذكر ( أبواب جهنم ) عوض ذكر ( جهنم مباشرة ) فالكفار ينقادون داخل تلك الأبواب بما يزيد الوقع وحشة وهلعا وفزعا عظيما عليهم ،ولكي نؤكد أكثر هذا المعنى ونقف على بعض دلالاته الأخرى ، دعونا نرى ما جاء في حالة أصحاب الجنة من حقائق ومشاهد :
- أصحاب الجنة : يقول الحق تعالى (وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) ،نلاحظ في هذا المشهد أن الخطاب جاء لأهل التقوى والإيمان بالدخول مباشرة إلى جنات النعيم في قوله (فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ) أي ادخلوا نعيم الجنة خالدين فيها ، على العكس المشهد الخاص بأهل الجحيم بالدخول أولا إلى أبواب جهنم ( ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ) ، ويحق لنا طرح هذا السؤال :لِمَ لم تذكر هنا لفظ (الأبواب) وجاء المعنى بالدخول مباشرة إلى ( جنات النعيم ) ، ونظن أن الجواب على السؤال واضح وميسر لحمله دلالات اعجازية عظيمة ومبهرة ، فمن سمة النعيم وصفاته أن يكون شاسعاً مفتوحاً للعيان لا تعكره حواجز أو موانع أو أبواب توصد ، ولكي نفهم جيداً هذا المعنى فيكفى أن نرى مثلا كيف يقيم أي شخص على إقامة بستانه الخاص في حديقة منزله أو قصره ، فهو يحرص أن تكون مساحة بستانه ذا أفق واسع لا يعكر صفو جمالها ولا سعة افقها أي أبواب توصد ، أو حواجز تَمنع الاستمتاع بكل مساحة البستان وجماله وخضرته ، حتى إذا فتح صاحب الدار باب بيته أو قصره ففورا سيرى أمامه منظر ذلك البستان بأبعاده المتنامية وأفقه الجميل ، فيسرح ببصره مغتبطاً برؤية تلك الخضرة وذلك الجمال دون حواجز أو أبواب تعوق رؤية ذلك الجمال .
وكذلك جنات النعيم ( ولله المثل الأعلى ) فلم تحضر صفة الأبواب بنص الآية الكريمة ،لأن من صفات نعيمة الجنة سعتها أفقها وكمال رؤيتها ، يرى باطنها من ظاهرها وظاهرها من باطنها ، أهلها إخوانا على سرر متقابلين ، يقول الحق تعالى (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ ) [ الحجر :47 ] . ومما جاء في وصف نعيم الجنة قولهم : (رياضها مجمع المتحابين، وحدائقها نزهة المشتاقين، وخيامها اللؤلؤية على شواطئ أنهارها بهجة للناظرين، عرش الرحمن سقفها، والمسك والزعفران تربتها، اللؤلؤ والياقوت والجوهر حصباؤها، والذهب والفضة لبناتها: (غُرَفٌ مّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلأنْهَـٰر ) [الزمر:20 ] عاليات الدرجات في عاليات المقامات، بهيجة المتاع، قصر مشيد وأنوار تتلألأ، وسندس وإستبرق، وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة، وفرش مرفوعة، هم فيها على الأرائك متكؤُن. ظلها ممدود، وطيرها غير محدود، فاكهة مما يتخيرون، ولحم طير مما يشتهون، قطوفها دانية للآكلين، وطعمها لذة للطاعمين، قد ذللت قطوفها تذليلاً ) .

وختامــا :
رأينا من خلال هذا العرض المتواضع كيف أن حرفاً واحداً من حروف القرآن الكريم ( حرف الواو ) صنع لنا إعجازا عظيماً ، وكيف كان لحضور أو غياب لفظ واحد ( أبواب ) فرقا كبيرا يشرح لنا بدقة متناهية مشاهد الفوز العظيم لأصحاب النعيم ، أو العذاب المرير لأصحاب الجحيم .
إنها معجزة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه مصداقاً لقوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) [ فصلت: 41-42 ] .
ويقول الحق تعالى (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ* قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) ] الزمر :27-28 ] .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع :

- تفسير القرآن الكريم ( ابن كثير ، الجلالين .. ) ، شبكة الإسلام (المملكة العربية السعودية
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد )
http://quran.al-islam.com/arb/

- موسوعة الخطب (أهمية الحديث عن نعيم الجنة وأثره)
http://alminbar.al-islam.com/Default.aspx?Action=SpeachDetails&mediaItURL=857&subsubID=0

- مقاصد الحرف في (علم الحرف القرآني) الحاج عبود الخالدي ـ جمعية علوم القرآن الكريم العراق) .
http://www.holyquransca.org/
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الأحد، 30 مايو 2010

ملحمة العشاق .. بقلم / أ/عبدالوهاب الجبوري












ملحمة العشاق (*)
عبدالوهاب محمد الجبوري

إن حسبتم للجهاد حسابا

فلسطين قضية

وان عهدتم للتاريخ كتابا

بغداد ضحية

ولان الجهات

أكثر من أربع

والخرائط مزورة

سأبحث عن عشاق

أمامهم الوراء والصحراء

دماؤهم مشاعل

عيونهم مناجل

فلا يمدون للسبع العجاف

غير السنابل

والكبرياء

ولان الربابنة تائهون

وضفائر حبيبتي مسبية

سأبحث عن ضفاف ملتهبة

عن ملوك

بلا كروش

عن خيل

تحمل العروش

وفرسان لن يتركوا

للوحوش بقية

****

ولان ملحمة العشاق

تهيم بملحمة العشاق

سأبحث عن صحراء

تكتظ بها الأشواق

تمنح الأرض العجوز

شبابها

تحمل على قدر العراق

عذابها

تقتحم كل الأهوال

تذود عن ليلاي

تبذل دونها

ما فاق حب الأهل

والأموال

تشتد ، تنتفض

تمتد ، تنقبض

تدمى ، تعرق

تتألم ، تتزلزل

تتمزق

كي يولد في الأرض

الإنسان

برغم جراحها

يشقى ، يعرى

يجوع

يعبد ماءها وترابها

يموت ، لكي يحيا الإنسان

****

(*) القصيدة محدثة عن قصيدة ( عشاق السنابل )

العراق في 27 / 5/ 2010
أ/عبدالوهاب الجبوري

الاثنين، 24 مايو 2010

حضارتنا معرضة لستة اخطار قاتلة ../ الباحثة وديعة عمراني






حضارتنا معرضة لستة اخطار قاتلة

في موضوع حررناه ( سابقا ) - ماذا لو انهارت الآلة ، حيث وضحنا فيها الخطر القائم أمامنا إذا وجدنا أنفسنا فجأة وقد انهارت كل منظومة تلك الآلة .
تتصاعد حاليا دراسات وأبحاث ومؤلفات عديدة تطرح بشكل ( علمي جاد ) احتمالية هذا الخطر ، والتوعية له .
فلقد صدر مؤخرا للكاتب البروفيسورماثيو شتاين ،مؤلفا ودراسة تحت عنوان (عندما تفشل التكنولوجيا ) اوضح فيه تلك العاصفة التي يمكن ان تنشب في كل وقت عند حصول ذلك الفشل .
حيث قال هناك 6 أخطار عظيمة قاتلة معرضة لها حضارتنا ، لخصها في العناصر التالية :
1-التغيرات المناخية : فالأرض كما جاء على لسان الخبراء تتعرض لتغيرات مناخية شديدة وشاذة ، وتتسارع بسرعات فائقة ( بدرجة0 9 في المائة )
2- الكارثة الثانية(نهاية النفط ) :مشيرا إلى أن جميع مصادر الطاقة والآلة تعتمد على ذلك ( النفط ) وهو في تدهور مثير حسب الدراسات الأخيرة !!
3- انهيار الحياة في المحيطات : فهناك مؤشرات خطيرة تنبأ بهذا الانهيار ، ولعل أكبر مثال الدراسة التي أجريت مؤخرا عن فقد المحيطات لتورثها السمكية !!
4- ازالة الغابات والتشجير : حسب دراسات حديثة 50 في المائة من مساحة الغابات قد اندثرت !!
5- الكارثة الرابعة : نشوب أزمة غذائية عالمية ، مع سيطرة النظم الصناعية على النظم الزراعية (أهملنا الأرض واهتممنا بالآلة ) .
6- الكارثة السادسة : التضخم السكاني مع اختلال الموارد .. ينذر بعاصفة .
كانت تلك بتلخيص موجز ، المحاور والدراسات التي أثارها الكاتب في مؤلفه .. معلنا نداءا خطيرا ..
لعل الضمائر تصحو .. وتشعر بالخطر القائم المحتمل .
فهل .. نحن فعلا على وشك هبوب العاصفة !!
نترك لكم .. الرؤيا والرد
مع التقدير،،
ـــــــــــــــــ
Matthew Stein, auteur du livre When Technology Fails (Quand la technologie échoue)
__________________
المصدر :
http://aleijazat.alafdal.net/montada-f52/topic-t3793.htm#19446

الاثنين، 17 مايو 2010

العودة كما يفهمها اللاجئون الفلسطينيون ./.محمد يوسف جبارين ( ابوسامح )



العودة كما يفهمها اللاجئون الفلسطينيون

محمد يوسف جبارين (أبو سامح ) أم الفحم .. فلسطين

- العودة كما يفهمها اللاجئون الفلسطينيون ، تعني العودة ، فالكلمة على ألسنتهم واضحة ، لا تحتاج الى تحليل وتأويل ، هي العودة ، لا كلمة أخرى يمكنها أن تستبدلها في المعنى أو تحل في محلها ، لتنوب عنها في التعبير عن مضمونها ، هي سهلة النطق عميقة الدلالة ، راسخة في أعماق الوعي الفلسطيني ، هي العودة ، الكلمة الوحيدة التي من أجل أن تقوم قيامة لها يوما ، في المكان والزمان، يستعذب الفلسطيني كل عذاب ، ويحتمل كل أعباء المواجهة مع صنوف الشقاء ،
، فهي الباعث على كل فداء ، ففدى العودة ، فدى تراب الوطن تهون التضحيات ، وتستسيغ الأم والأخت والزوجة كل بذل وعطاء ، تقدم حبيبا لها فداء للحلم الراسخ في الوجدان ، تدفع به.. تدنيه من لهب الصراع ، من أجل العودة .. بكل عنفوان التحدي ، وبكل ما يعنيه السير على الخط الرفيع الفاصل بين الحياة والموت ، فالحياة يتم استخراجها من الموت . فالموت في خلال تأهيل الحاضر ، من أجل العودة في المستقبل ، بذاته الوقود الذي يلهب الحماسة ، ويرفع الراية عاليا ، مخضبة بأعز بذل ، يمكنه شعب أن يبذله من أجل حقوقه .
فالعودة ليست ذاكرة حية فقط ، وانما هي وجود استخرج أدواته من أعماق مأساته ، وبنى بها آليات مستخرجة من وعي عميق بالصراع ، ومن فهم أصيل بحقائق القوة ، ومن ادراك فاهم ، بأن كتابة التاريخ هي من شأن من يجيد الكتابة ، ويعرف كيف يعيد هيكلة بناء مختلف لخريطة الجغرافيا السياسية في هذه المنطقة، التي يرتسم فيها العذاب بكل عتو القوة الاستعمارية ، التي لا تكف عن سكب النار على جلد هذا الفلسطيني ، الذي شاءت ظروفه له، أن يكون هو برغبته الجامحة للعودة ، باعث القلق والمخاوف في الدوائر الاستعمارية، التي نشرت كل تعريف بعمق بشاعتها في هذه المنطقة من العالم .
والسؤال الاستعماري هو كيف لا تكون عودة ، كيف يمكن اعادة صياغة الظروف بقوة التيارات التي تهب على هذه المنطقة ، بحيث لا تتحقق العودة ، فعلى ذلك المشروع الاستعماري لم ينته بخلع وجود بحاله من ترابه الوطني ، وارغامه بقوة النار على ترك حيفا ويافا و... ، ليحيا بعيدا هناك في المنافي ، وانما الاستعماريون ما يزالون يحوكون كل عملية من شأنها أن تقترب بهم من الغاء العودة بذاتها ، وليس فقط بحاجز من نار ، لا يدنو أحد منه الا ويحترق ، وليس بتآمر دولي استعماري ، يحول دون أي أرغام دولي يقيم للعودة قيمتها ويلزم تحققها بآليات تعرف للانسان قيمة ، وانما بالاقتراب بالارهاب والكيد والخديعة ، من الذين يرون في العودة حقا، يجب أن يكون محققا، وذلك كي تستوي الجريمة على مقولاتها .
وأكثر من ذلك فقد انداحت العقلية الاستعمارية الى الاقتراب من الذين يرون في العودة حقا تاريخيا ووجوديا ، وانسانيا ، فهم أصحاب القضية ، وأصبح المطلوب الاستعماري منهم أن يبدلوا في قناعاتهم ، أن يفهموا بأن العودة قرينة المستحيل ، الذي لا يمكنه أن يكون واقعا ، والأجدى لهم التخلي عن العودة ، في مقابل ترسيخ اللاعودة بتعويضات مالية ، وفكاك من شظف عيش في مخيمات ، وهي مسألة يمكن أن تقترن بتدفق أموال ضخمة توفر للاجئين بدء حياة مدنية .. في توطين في المنافي الجديدة ، وفي حال كهذا يمكن فتح آفاق من شتات ، بحيث يتم بعثرة التجمعات السكانية الفلسطينية في المخيمات ، في مناطق عربية وأميركية وأوروبية ، ويمكنها أن تكون بداية حياة لا يمكنها أن تقارن بحال ، بعيش في مخيم عين الحلوة ، أو بمخيم آخر . أو يتاح لمن يريد أن يعود الى فلسطين أن يعود الى الضفة وقطاع غزة ، ليبقى في محاصرة ، تنغص عليه عيشه بين الحين والآخر ، فأمن أسرائيل لا يمكنه أن لا يمتد ليشمل مجرى الحياة في الضفة والقطاع .. فهذا كلة غزو قناعات وعقول ونفوس ، مسألة احتلال للعقل ، ومسألة احتلال للنفس ، لاعادة هيكلة مفاهيم وقناعات قائمة في مكنون النفس الفلسطينية ، فهي مسألة زراعة وعي صهيوني في كوامن النفس الفلسطينية ، ليصبح هذا الفلسطيني متحركا بما يتفق مع أمن المشروع الأستعماري الذي صنع له نكبته ومأساته ، فهل ثمة بشاعة وفظاعة تضاهي الفكر الاستعماري وآلياته ، وما يتعلق عليها من حركة فاعلة ضد هذا الفلسطيني ، فأولا كان الاقتلاع للوجود الفلسطيني من ترابه الوطني من أجل أن تتاح قيامة كيان صهيوني على أرض فلسطين ، وبعدها أنكر هذا الكيان ، حتى وجود شعب أسمه شعب فلسطين ، ثم راح بالقوة محاولا بناء يأس أراد له أن يكون مدمرا ، في النفس الفلسطينية الهائمة حبا في عودتها الى ترابها الوطني ، الذي خلعوها منه بقوة السلاح ، ومقدما كل دليل على بطش القوة التي بظن هذا الكيان بأنه يقدم بها ، لفكرة العودة جدار المستحيل الذي لا يمكن تدميره ، لتبقى العودة حلم من يقوى على هذا المستحيل ، ثم ها هو بازاء فضاء العجز عن عبور المستحيل ، يطالب صاحب الحق بأن يساوم ويسرف في مساومته ، والى حد التنازل بمحض ارادته عن حقه في العودة الى بيت كان له هناك في فلسطين .
فاللاعودة ضرورة هوية الدولة العبرية ، فهي دولة يهودية ديمقراطية (مع الاعتذار للديمقراطية وفلاسفتها ، فهنا كيان فيه المواطنة تعتريها اختزالات هي من مقتضيات الأمن ، فثمة مواطنة ومواطنة .. اسم نزلت عليه اللعنة ، فغدا بأكثر من معنى ، فهو مضلل أحيانا ، ولا يعني ما هو حين الأمن يطرق عتباته ، لكنه الضلال بما هو عليه ، لا يملك الا أن يكون بارعا ، في تفريخ أشكال متغايرة من الضلال ، فالتضليل من ضرورات هذا الأمن ) ، فبالعودة يعود الملايين الى فلسطين ، ما ينفي أهداف المشروع الاستعماري الصهيوني ، تقوم دولة الأكثرية فيها فلسطينية ، وينتهي النظام القانوي الصهيوني ليحل في محله نظام قانوني آخر ، يهيكل الدولة الجديدة من جديد بحكم كون الدولة هي التنظيم القانوني للمجتمع ، فثمة مجتمع آخر قد نشأ بالعودة . فعلى هذا التناقض بين العودة وبين هوية الدولة اليهودية ، تصر اسرائيل على نفي العودة . لا يمكنها اسرائيل أن تتخذ قرارا بنفي ذاتها ، فهكذا المطلوب اسرائيليا من الفلسطينين ، أن تختفي فكرة العودة من أمخاخهم ، وذلك حرصا على الكيان الصهيوني ، فقد أصبحت مهمة اللاجئين ، أن يقدموا خدمة تاريخية لهذا الكيان الذي ذبح في وجودهم ورسم لهم العذاب ما استطاع ولم يزل هو هو .
فهنا أمن حلم فلسطين تهددته المخاطر ولم تزل تداهمه ، قاصدة محوه من زمان وجود فلسطيني يحيا على هذا الحلم ، من اللحظة التي وجد نفسه في الخيام ، لا يملك امكانية عودته بالقوة الى دياره .
فنحن بازاء تناقض وجودي بين وجودين ، فأمن كل منهما في تنافر، بل وفي صراع لا يستوي فيه تواصل ولا تفاهم ، ولا غير هذا أو ذاك في المكان ، أما كليمها معا في المكان فذاك اللاممكن صهيونيا ، بحكم اقتران مفهوم الأمن صهيونيا بالتفرد بالمكان .
ولهذا وبقوة الايمان بحق العودة ، تطل من الأعماق الفلسطينية ، فكرة ديمومية اللامساومة في الحق ، فمن حق من له الحق في حق يمسك به من لا حق له أن يعود له حقه ، فهكذا جملة السلام من منظور فلسطيني ، وهكذا اللاسلام من منظور صهيوني ، والسلام لا يعني الاستسلام على حد تعبير الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ، لكن اسرائيل تفتش عن سلام على منوالها هي ، خلوا من العودة ، سلام باقرار اختفاء العودة من اتفاق على قيام دولة فلسطينية ، بحال وأحوال لا تتنافى مع أمن اسرائيل .
ولقد ارتفعت أصوات فلسطينية ، تقول بملء المرارة في الفم ، وبملء العلقم في نبرات صوتها ، تقول بأن التنازل عن حق العودة يمكنه ، أن يحفظ الأقصى ويحفظ ما تبقى من القدس ، ويفسح المجال أمام تنازلات من جانب اسرائيل ، تنفك في ضوئها اشكاليات ، لربما تفسح الطريق الى اقامة دولة فلسطين في الضفة والقطاع .
لكن أسئلة تترى في سياق تهافت كهذا ، فهل أسقاط حق العودة ، يؤدي بالجانب الاسرائيلي الى الموافقة على الانسحاب الى حدود الرابع من حزيران عام 1967، على كل ما يعنيه ذلك من تفكيك للمستوطنات ، أو اخلائها وتسليمها للجانب الفلسطيني سليمة كما هي ، لا كما حصل بيميت (كانت في سيناء ، وحين اخلائها قاموا بتفكيكها .. بتدميرها ) ، وهل اسقاط حق العودة ، يؤدي بالجانب الاسرائيلي الى الموافقة على قيام دولة فلسطينية كاملة السيادة ، حرة في نموها وتطورها ، وفي بناء أمنها وتدعيمه بسلاح طيران ، وسلاح بحري ، وبري ، وفضائي في مستقبل الأيام ..، وبأن يكون لدولة فلسطين أن تقيم التحالفات العسكرية التي ترتأيها وتراها مفيدة لتدعيم أمنها ، أو تقيم تحالفات مع جيوش عربية ، وتعطيها قواعد على أرضها ، هل توافق اسرائيل على هذا ، هل توافق على سيادة حقيقية للفلسطينيين في دولتهم ، وهل توافق اسرائيل بالتوافق مع اسقاط حق العودة ، على جعل دولة فلسطين وطنا لكل الفلسطينيين ، أي أن يعود الفلسطينيون الى الضفة والقطاع بالملايين ويتم توفير كل امكانيات النمو والتطور لهم ، هل توافق اسرائيل أن تكون خارج الأمن الفلسطيني .. وهل توافق اسرائيل على الانسحاب من منطقة القدس الى حدود الرابع من حزيران ..هل توافق على الانحسار خارج القدس التاريخية العربية، وخارج التأثير على منطقة المسجد الأقصى ، وهل توافق بعد ذلك على أن لا يكون أمنها متناقضا أبدا مع الأمن القومي العربي ، وتنسلخ من كل اندراج ، في كل تحريض وتآمر دولي ، على هذا الأمن القومي العربي ، أليس ذلك اللاممكن الذي لا يمكنه أن يكون، في حال مثل الغطرسة الاستعمارية التي عليها اسرائيل .

السبت، 15 مايو 2010

ماذا لو تعطلت الآلة..اضاءات عقلية لخطر قائم محتمل


بسم الله الرحمان الرحيم


ماذا لو تعطلت الآلة!!..اضاءات عقلية لخطر قائم محتمل !!

- الآلة : تخيط لنا ما نلبس بداية من معالجة المادة الخام للثوب الى صناعة الثوب .. الى حكاية ( أشكاله وأنماطه )
- الآلة : تصنع لنا .. القلم الذي نكتب به .. بداية من حبره الى خامته .. إلى ورقه .
- الآلة : تنقل وتعالج لنا الماء الذي نشرب بداية من قنوات تخزينه إلى قنوات وصوله ومروره لنا .
- الآلة : تصنع لنا الطاقة التي نستخدمها في كل إضاءتنا وعملنا ومصانعينا ومواصلاتنا
- الآلة : نعتمد عليها بشكل مطلق في كل قنوات تواصلنا وسفرنا بداية من الحافلة إلى القطار والطائرة
- الآلة : هي عصب نقل العلم والمعلومة والمعرفة ( اقرأ ) في زماننا الحاضر .. فلقد أضحى جهاز ( الكومبيوتر لا غنى لنا عنه ) في العديد من أعمالنا ( المتعلم يحتاجه ، العالم يحتاجه ، التجارة ( التبادلات التجارية ) تحتاجه ، الاقتصاد يحتاجه ، نقل البضائع والمعلومات تحتاجه ....
فماذا لو تعطلت الآلة بتعطل الطاقة ؟؟؟
هته فقط بعض الأمثلة لأوجه اعتمادنا الكلي على ( تلك الآلة ) ؟
والسؤال الذي نطرحه :
أولا – هل تعتقدون ان الالة يمكنها أن تتعطل . يوما ما .. بدون سابق إنذار ؟ ( نحتاج إجابات شفافة )
2-- وما ذا لو تعطلت ( الآلة )؟ كيف ترون يكون الوضع لدى ( الجميع ) ... هل يستطيع الإنسان العودة و الاستغناء الكلي على تلك الآلة كما كان أبائنا ؟ ام الأمر يحتاج لإعادة ( برمجة عقولنا ) لإيجاد بدائل قوية ( تقنيات أخرى ) تربط ( آلة الإنسان ) بالموارد الطبيعية في اتجاه أمن يرضاه الله تعالى لنا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شكرا .. لتفاعلكم ( الرابط )
http://aleijazat.alafdal.net/montada-f64/topic-t834.htm

الأربعاء، 12 مايو 2010

عزلة النظم الإسلامية .../بقلم الحاج عبود الخالدي


عزلة النظم الإسلامية

من أجل يوم إسلامي افضل

لا يخفى على كثير من الناس حقيقة العزلة التي تعيشها النظم الاسلامية في الوسط المجتمعي المتحضر سواء كان الوسط المتحضر هو في ديار غير اسلاميه او في ديار اسلامية يغزوها التحضر العلماني حتى اصبحت النظم الاسلامية تسمى في ثقافة الغرب (عادات شرقية) وتسمى في كثير من البلدان الاسلامية (المتشددون) او ( الدينيون) او (الاصوليون) وغيرها من الاسماء الموصوفة للدلالة على الجماعات التي تمارس النظم الاسلامية وكل تلك المسميات تدلل على عزله او (اشباه عزلة) بين النظم الدينية والنظم الحضارية وكثيرا ما تستهجن النظم الاسلامية باعتبارها تقاليد لا تتصل بالنظام الاسلامي مثل اشكال حجاب المرأة (مقنعة الوجه) او زي الاسلام في العمامة والقميص او شكل لحية الرجل وكثيرة هي نقاط السخرية من بعض او كثير من النظم اللصيقة بالممارسات الدينية والتي تكون على حواشي النظم الشرعية كالمناسبات الدينية وما يمارس فيها من اشباه الطقوس فاثخنت التجمعات والعناصر التي تلتصق بالمنظومة الاسلامية باشكال متعددة مما يسمونه الكتاب والمتكلمين (الارهاب الفكري) الذي يصل الى حد التسخيف والاستهزاء بتلك الممارسات وكأن النظم الاسلامية وحواشيها ما هي الى رجعة حضارية او تخلف حضاري مما جعل الشبيبة هم الاكثر انفلاتا من نظم الدين الا ان ظاهرة تجلت في اكثر من جيل اظهرت بشكل واضح عودة شباب الامس المنفلتين من نظمهم الى حاضرة المنظومة الاسلامية بقناعات ايمانية او قناعات على حواشي الايمان بصفة ردة فعل مضادة للهجمة على منظومة الدين وذلك بسبب انكشاف زيف العلائق المجتمعية في الوجهة الحضارية المنزوع عنها النظم الاسلامية حيث يرى جيل بعد جيل كيف تتدهور الاسر والمجاميع التي تحضرت باعراف وممارسات تمثل نشاطات لقشور حضارية لا تمتلك رصانة واضحة في استمراريتها كالممارسات الحضارية في التبرج وحفلات الرقص وريادة الحانات والنوادي المختلطة ..

رسـّخ المسلمون عجزهم الفكري بمنهجيتهم مع رسوخ عجزهم ايضا في التطبيق الميداني في عدم قدرتهم على توفير حماية منطقية لمنظومتهم الاسلامية فكثير من التجمعات الاسلامية في الغرب المتحضر لا تزال عاجزة عن توفير قناعة صلاحية اللحوم المذبوحة وبقي المسلم في تلك الديار يمارس حيازة اللحم الحلال بصفته عادة اسلامية (حلال) ولم يستطع علماء المسلمين ومفكريهم من وضع البيانات العلمية او القريبة من العلم لآية من آيات الله في عملية الذبح رغم جهود خيرة وكبيرة قدمها علماء مسلمون اظهروا فيها فوارق مادية بين اللحوم المذبوحة واللحوم غير المذبوجة الا ان تلك المحاولات لم تسري فيها صفة الدرع الذي يحمي منظومة المسلمين من الهجوم المعادي ولعل الانفلات الاخلاقي الذي اعقب تفجير برجي التجارة الامريكي منح غير المسلمين فرصة الاعلان عن غلهم تجاه المسلمين الذين يمارسون تطبيقات معلنة لمنظومتهم الاسلامية ولعل كل شخص منا لديه قاموس من الحوادث القاسية على العقل المؤمن ومنها ما هو شهير في الاعلام الاوربي مثل حادثة شهيدة الحجاب او الرسوم الكارتونية التي اختصت بالاساءة الى مقدسات ورموز اسلامية او حرق القرءان في احتفاليات مبهرجة او عندما تمارس بعض المواقع الالكترونية هجوما لا اخلاقيا على النظم الاسلامية وبصيغ يندى لها جبين ادنى موصوفات الرصانة في الفكر الانساني ..!!

شلل الفكر الاسلامي ازاء الغزو الحضاري التقني افرز عزلة المنظومة الاسلامية واصبح المسلمون عاجزون تماما عن رد الاعتداء بمثله ويلوذ الكثير من الاقطاب التي تمتلك السن كلامية بالصمت ازاء المعالجة وتطول الالسنة نفسها في غيبيات وشروحات لا تمثل ردا موضوعيا ولا تغني الموقف الاسلامي المتصدع بل تثخن الموقف مزيدا من الاسفاف الكلامي مما دفع بالكثير من الغيارى على دينهم الى الانزلاق في برامجية مسبقة الاعداد في توفير فرص الرد البركاني عبر فوهات البنادق او التفجيرات في المواقع العامة مما اساء الى المنظومة الاسلامية بشكل متزايد ومنح المبرمجين لتهييج ذلك البركان ثقافة العدوان على المسلمين ومنطق عدواني سافر ... المسلمون جميعا دون ادنى حد من الحذر الفكري الرصين حيث منحوا اعداء المنظومة الاسلامية عيوب لمنظومة الاسلام من خلال قيام دعاة كثر ويتكاثرون مع كثرة الفضائيات الفئوية من مذاهب المسلمين بانشطة حديثة منشورة تظهر عيوب بعضهم البعض وكل تلك العيوب تصب في تطبيقات المنظومة الاسلامية فاصبح الاعلام الفكري الاسلامي يعتمد بشكل مهم على منهجية كشف عيوب الاخرين وبالتالي فان الاعداء التقليديين للنظم الاسلامية حصلوا على ارشيف ضخم للعيوب الاسلامية من المسلمين انفسهم مما اضاف الى العزلة الاسلامية نسيجا جديدا يمكن ان يوصف بوصف سلة مفاتيح هجومية على الاسلام بشكل عام ولعل الارهاصات الفكرية الهجومية على الاسلام مؤخرا كانت تستخدم تلك السلة من المفاتيح التي تمثل عيوب المسلمين في كل مذهب ومن خلال كثرة الاتهامات المتبادلة بالشرك والوثنية وتكفير الاخر بينهم اصبح اعداء الاسلام يمتلكون منبرا هجوميا قاسيا خصوصا في الحوض الفكري لشبابنا المنفلت من النظم الدينية وعلى سبيل المثال نقلت الينا منشورات الكترونية يقول فيها كاتبها ان الوثنية والشرك عند المسلمين هي ليست اتهامات متبادلة بين مذاهب المسلمين المعاصرين بل هي حقائق صاحبت العصر الاول لقيام الاسلام عندما استطاع رسول المسلمين ان يقنع العرب الجهلة ..! بالتنازل عن اصنامهم الكثيرة التي كانوا يعبدونها ويسجدون امامها واستبدالها بصنم واحد (مكعب الشكل) ليس له واجهة وخلفية يطلقون عليه اسم (الكعبة) يعبدونه ويسجدون له اينما يكونون ...!! ويضع كاتب ذلك المقال الهجومي مقطع فيديو يبين منسك الصلاة في بيت الله الحرام والناس يسجدون للكعبة ..!!!!

من تلك الاثارة الفكرية يتضح ان المسلمين مقصرون كثيرا في حق منظومتهم الاسلاميه فهم غير قادرين على جعل منظومتهم الاسلامية منظومة (ضرورة) بل لا يزال يتشدق المسلمون بالخبر الذي وصلهم عن صلابة تلك النظم وضرورتها التعبدية لله ولم يبادر المسلمون الى بيان (ضرورة) تلك النظم من خلال وسيلة معاصرة كبديل عن الوسيلة الروائية التي تمنح المسلمين فقط ثقافة (الضرورة) ولا يمكن نقل تلك الثقافة الى اقرب كيان فكري متصدع بسبب الحضارة وهم اولاد المسلمين انفسهم المنفلتين من منظومتهم الاسلامية فمنسك الصلاة والحج والوضوء والذبح والصوم بصفتها ممارسات اسلامية هي الاكثر ظهورا وتطبيقا في المنظومة الاسلامية لا يمتلك المسلمون فيها قدرة اظهار ضرورتها حتى لاولادهم فلا تزال تلك المناسك مجهولة العلة والمسلمون عاجزون عن مواكبة التطور الثقافي الحضاري المصاحب للتطور المادي لاثبات علل تلك المناسك علميا (ضرورتها) لانهم يعتبرونها (تعبديات) وفق الفهم القديم لها ولا نستطيع ان نتهم القدماء بالقصور فيها لان (السبب والمسبب) لم يكن في ذلك الزمن ذو تطبيقات جماهيريه فالناس على فطرتهم ولا يمتلكون مدرسة ثقافية مفروضة في السبب والمسبب كما هو حال مجتمعاتنا المعاصرة خصوصا ان الامية كانت هي الطاغية في الزمن الاول وبالتالي فان المجتمعات كانت تمتلك ثقافة مهنية تطبيقية يفطر عليها اولادهم وبشكل يختلف عن يومنا المعاصر الذي يمتلك فيه النشيء الجديد ثقافة تقرأ في الصالح وغير الصالح وبثق فكري يطرح عليهم منذ الصغر عبر الافلام الكارتونية وهو ما يختلف عن النشيء في زمن مضى حين كان الحلال والحرام هو ثقافة ارضاء الخالق ...!! الا اننا اليوم نرى ان الفقه الاسلامي يؤكد ان الخالق غني حميد وان ما نقيمه من انشطة منسكية هو لانفسنا وعلينا ان نبحث في الحلال والحرام بموجب منظومة معاصرة هي في ثقافة تطبيقات ميدانية في الانشطة البشرية منذ بدايات النشيء الجديد لاولادنا في ممارسة تطبيقات (الصالح وغير الصالح) حيث تمتلك تلك المنهجية ثقافة ساحقة في اظهار العلة ومن خلالها قام السبب الذي تسبب في عزلة النظم الاسلامية في نفس الوقت كان يمكن ان تتحول نفس تلك الثقافة الى وسيلة يحمي المسلمون من خلالها منظومتهم الاسلامية من عدوانية الفكر بموجب نظم معاصرة في فهم الدين واول عدو فكري يجب ان نضعه في مسلسل الاعداء هو افكار اولادنا الذين نرسلهم الى مدارس وجامعات ترسخ فيهم ثقافة (السبب والمسبب) فيكونون منفلتين عن منظومة (الحلال والحرام) بصفتها التعبدية ذلك لان الحلال والحرام لا يزال في ثقافة عقائدية مستنسخة من التاريخ وهي تتعرض الى الاختناق في زمن معاصر يرفع ثقافة بديلة تمتلك مساحة قبول واسعة الا وهي ثقافة (الصالح وغير الصالح) .... الجهاد الاسلامي واجب تكليفي الا ان المسلمين يبحثون عن الجهاد في منظومة السلطنة والحكم (القوة) ونحن لا نزال مقصرين في الجهاد الفكري من اجل تحصين منظومتنا الاسلامية في فكر اولادنا الذين يتزايدون في مسارب الانفلات نحو الحضارة ونحن نرى ذلك بوضوح حيث كشفت لنا الشبكة الدولية ومواقعها المتكاثرة الكثير من الامور التي كانت مستورة في زمن قريب مضى .

المسلمون مسؤولون عن تثقيف اولادهم قبل ان يكونوا مسؤولين عن توفير قناعات رصانة الاسلام في عقول غير المسلمين ذلك لان المسلمين يرسلون اولادهم طوعا الى مدارس تعليمية تمنحهم ثقافة مختلفة في التطبيقات والانشطة الانسانية مما يجعلهم عرضة للانجراف السريع غير المسيطر عليه وفي تلك الازمة يفقد المسلمون نشاطا تعبديا مسؤولا يمثل مسؤولية جيل الاباء نحو الابناء وبالتالي فان التمسك بالمنظومة الاسلامية في زمن حضاري اصبح يمتلك مخاطر انفلات جماهيري كما نراه واضحا في جيلنا المعاصر مما استوجب فتح ملف جهادي فكري ملزم في عنق المسلمين

الحاج عبود الخالدي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://aleijazat.alafdal.net/montada-f59/topic-t3730.htm

الرد على شبهتين للشيعة بحق الشيخين : بحث للدكتور محمد فتحي الرحريري


شبهتان كاذبتان للشيعة في الشيخين العمرين


العمران هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب الخليفتان الراشدان المبشران بالجنة ، ويتهمهما الشيعة – أصلحهم الله زورا ومينا بالإساءة إلى البتول سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام . ويستدلون على تهمهم الفاسدة ببعض المرويات الحديثية ، وكانت الأخت الباحثة الأستاذة الكبيرة وديعة العمراني قد وجهت إليَّ مثل هذا السؤال في رسالة ، حفظها الله ، وهاأنذا أقوم بالكتابة في الموضوع في الرد على شبهتين خطيرتين كاذبتين :
-الرد على شبهة قول أبوبكر "فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ".قال الطبراني – في المعجم 1-الكبير - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 62 ) :
"حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، ثنا سعيد بن عفير ، حدثني علوان بن داود البجلي ،عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر ( ر ) ،أعوده في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه وسألته كيف أصبحت ، فاستوى جالسا ، فقلت : أصبحت بحمد الله بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى وجع ، وجعلتم لي شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية ، وستنجدون بيوتكم بسور الحرير ، ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذري ، كأن أحدكم على حسك السعدان ، ووالله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه ، في غير حد خير له من أن يسيح في غمرة الدنيا ثم قال : أما إني لا آسى على شيء ، إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (ص) عنهن ،
فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن : فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ، وأن أغلق علي الحرب ، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : أبي عبيدة أو عمر ، فكان أمير المؤمنين ، وكنت وزيرا ، ووددت أني حيث كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإلا كنت ردءا أو مددا ، وأما اللاتي وددت أني فعلتها : فوددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه يكون شر الإطار إليه ، ووددت أني يوم أتيت بالفجاة السلمي لم أكن أحرقه ، وقتلته سريحا ، أو أطلقته نجيحا ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله عز وجل ، وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله (ص) : عنهن ، فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله ، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر سبب ، ووددت أني سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن في نفسي منهما حاجة . " هذا الأثر الضعيف شبه الموضوع أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ومن طريقه الضياء في المختارة وابن زنجويه في كتاب الأموال والعقيلي في الضعفاء وابن عساكر في تاريخ دمشق والطبري في تاريخه.
قلت وهو أثر ضعيف فيه عدة علل :
الأولى :- مداره من جميع طرقه على علوان بن داود البجلي وهو راو ضعيف أطبق الأئمة على تضعيفه. قال البخاري عنه منكر الحديث وهكذا قال ابن يونس وقد ذكره غير واحد بهذا الأثر وأنه من منكراته منهم الحافظ الذهبي في ميزانه والحافظ ابن حجر في اللسان والعقيلي في الضعفاء.
قال العقيلي في الضعفاء لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به ، وقال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني وفيه علوان بن داود وهو ضعيف وهذا الأثر مما أنكر عليه.
فإن قيل قد روي من وجه آخر ليس فيه علوان بن داود كما في رواية ابن عساكر في تاريخه بإسناده عن أبي الهيثم خالد بن القاسم قال حدثنا الليث بن سعد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف أنه دخل على أبي بكر الصديق يعوده في مرضه الذي مات فيه .... الحديث .
قلنا هذا الطريق غير محفوظ وذلك لأن أبا الهيثم خالد بن القاسم هذا متروك تركه الناس أي أئمة الحديث ونقاله , تركوه وذلك لأنه كان كذاباً يزيد في الأسانيد وينقص لا سيما عن الليث وقد خالفه تلاميذ الليث ممن في طبقته وهم الثقات فرووه عن الليث بن سعد عن علوان بن داود عن صالح بن كيسان به منهم يحيي بن عبدالله بن بكير وهو ثقة في الليث ومنهم عثمان بن صالح المصري صدوق ومنهم كاتبه أي كاتب الليث أبو صالح ولا شك أن الجماعة مقدمة في الليث على ذلك الفرد المتروك .
ويؤكد ذلك أن الليث بن سعد قد تابعه سعيد بن عفير عند الطبراني فرواه عن علوان بن داود البجلي عن حميد به وسعيد بن عفير ثقة. وعليه فالصحيح أن هذا الأثر كما سبق عن الأئمة من مفردات علوان بن داود ومن منكراته ولا يعرف إلا من طريقه. فهو أأثر موضوع مكذوب لا اصل له ،،،
ولذا قال ابن عساكر في تاريخه وهو الذي أخرج تلك الرواية قال: رواه خالد بن القاسم المدائني وأسقط منه علوان بن داود وقد وقع لي عالياً من حديث الليث وفيه ذكر علوان ثم أكد ذلك بإسناده العالي عن محمد بن رمح عن الليث عن علوان . قلت: ومحمد بن رمح هذا ثقة ثبت. فهؤلاء أربعة من الثقات قد خالفوا ذلك المدائني الكذاب وعليه فالحديث حديث علوان بن داود لا ريب وهو ضعيف منكر الحديث.
العلة الثانية: اضطراب علوان بن داود هذا في إسناد حديثه فمرة يرويه كما سبق عن حميد بن عبدالرحمن بن حميد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبيه.
ومرة يرويه بإسقاط الرجلين أي مباشرة عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن عن أبيه.
ومرة يرويه مرسلا أي عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدا لرحمن عن أبي بكر أي دون أن يرويه عن أبيه. ولا غرابة في اضطرابه فهو كما ذكرنا ضعيف منكر الحديث لا يحتمل منه إلا ذلك.
ولأجل ما سبق أطبق جماعة من أئمة الحديث على تضعيف هذا الأثر منهم الحافظ العقيلي في الضعفاء والإمام الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر في اللسان على ما تقدم والله ولي التوفيق ..

2 - إدعاء ضرب عمر لسيدتنا فاطمة رضى الله عنها : هنا إثبات أكذوبة إدعاء كسر عمر بن الخطاب لضلع السيدة فاطمه الزهراء وإسقاط حملها وأنها أجهضت جنينها محسنا أثناء بيعة الخلافة لأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول الأعظم وهي أسطورة اختـُلـِقـَتْ وتطورت في القرن الثاني الهجري، ورددها بعض كتاب الأدب السني وليس المؤرخين المحققين من السنة ، ثم تلقفها بعض الوضَّاعين من الشيعة في القرنين الرابع والخامس الهجري، ووصلت إلى هذه الصورة.أما الهدف منها إنقاذ نظرية الإمامة الإلهية التي تلغيها تماما بيعة الإمام علي لأبي بكر وعمر وعثمان، لأنه ما كان ليبايعهم لو كانت هذه النظرية ثابتة وصحيحة، وأرادوا القول إنها تمت بالقوة بعد اقتحام بيت الزهراء وكسر ضلعها.هذه القصة لا توجد في أهم الكتب الشيعية المعتمدة مثل كتاب "الكافي" وهو عند الشيعة بالمنزلة العليا المعروفة ، حيث لم يذكرها مؤلفه الكـُليني أبدا رغم معرفته بكتاب سليم بن قيس الهلالي الذي ينسب إليه ادعاء حرق عمر لباب دار فاطمة وضربها واسقاط جنينها.وأن أهم ما ينفيها هي "العلاقات الاجتماعية الطيبة بين الإمام علي والخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إلى حد تزويجه ابنته وهي بالطبع ابنة فاطمة الزهراء "أم كلثوم" فكيف يكون ذلك إذا صحت رواية ضرب أمها لا سمح الله وهو صحابي جليل ومن أشد الناس حبا لآل البيت.. هذا غير معقول".ومما يُضحك هو: ما حاول بعض الكتاب من الرافضة إيهام العامة من أهل السنَّة أنه يوجد من يثبت هذه الحكاية من أهل السنَّة ! وبيان كذبهم وتدليسهم في أمور :- أوهموا أن الشهرستاني يثبتها أي قصة رفس عمر لفاطمة ، وتصوروا معي قسوة التعبير ( رفسها ) ! في كتابه أي الشهرستاني " الملل والنِّحَل والذي لا يـُستراب فيه أن هذا من الكذب الرخيص ، وأصل ذلك : أن الشهرستاني كان يترجم في كتابه للمعتزلي " إبراهيم بن سيار النظَّام " ، وذكر في أثناء ذلك أن تلك الحكاية هي مما افتراه النظّام ! ، وهذا نص كلامه :قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني – رحمه الله – في تعداد أوابد النظَّام - :الحادية عشرة : ميله إلى الرفض ، ووقيعته في كبار الصحابة ، قال : " .. وزاد في الفرية فقال : " إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة ، حتى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح : " احرقوا دارها بمن فيها " ، وما كان في الدار غير علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ." الملل والنحل " (1 / 52) .- ومما نقلوه أيضا في ذلك ببلاهة غريبة : ما نقلوه عن " ميزان الاعتدال " و " سير أعلام النبلاء " كلاهما للإمام الذهبي ، و " لسان الميزان " لابن حجر عن أبي بكر بن أبي دارم في إثبات إسقاط عمر لجنين فاطمة عليها السلام ،المدعو محسن ( وسُمِّي سقطا كما يقولون ) ! من قراءة بعض الناس عليه من كتاب ! فكيف نقلوا ذلك ببلاهة وغباء وحمق وحنق وخبث ؟ قالوا :" روى عنه الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك ، وقال : رافضي ، غير ثقة ، وقال : محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ بعد أن أرَّخ موته : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن " . انظر كيف جمع الله لهؤلاء الجهل مع الغباء ، فهو ينقل عن أئمة السنَّة أن هذا الخبيث المُترجم له : رافضيّ ، غير ثقة ، ثم ينقل عنه بكل بلاهة - إسقاط عمر لجنين فاطمة - سواء من كتابته ، أو من كتابة غيره ، مما يُقرأ عليه .قال الذهبي في ترجمته : أبو بكر بن أبي دارم : كان موصوفاً بالحفظ ، والمعرفة ، إلا أنه يترفض ( أي أنه يتشيع وينتسب لمذهب الرافضة ) ، قد ألف في الحط على بعض الصحابة وانتقاص مكانتهم ، وهو مع ذلك ليس بثقة في النقل .وقال :قال الحاكم : هو رافضي ، غير ثقة .وقال محمد بن حماد الحافظ : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : أن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت محسناً..قلت : شيخ ضال معثر ." سير أعلام النبلاء " (15 / 577 ، 578) .وقد ذكر نحوا من ذلك في "ميزان الاعتدال" بأطول مما هنا ، وبدأ ترجمته بقوله : " أحمد بن محمد .. ، أبو بكر ، الكوفي ، الرافضي الكذاب" . وهكذا نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في " لسان الميزان " . ونلاحظ أن هؤلاء العلماء حكموا على ابن أبي دارم بالرفض ، ونقلوا عن الحافظ محمد بن حمَّاد أنه ترك حديثه ، ثم جاء هؤلاء ليتكثروا بالنقولات ، وقد أخزاهم الله بأن جعلها عليهم ، لا لهم .- ومما نقلوه : رواية عن أبي بكر رضي الله عنه فيها قوله : " وددت أني لم أحرق بيت فاطمة " ! .- وقد نقلوا في إثبات الحكاية المنكرة عن المسعودي في كتابه " مروج الذهب " ، وابن قتيبة في كتابه " الإمامة والسياسة " .والرد أما المسعودي : فهو رافضي مثلهم ، ولا يوثق بنقله . وأما ابن قتيبة : فهو من رؤوس أهل السنَّة ، لكن الكتاب لا تصح نسبته إليه ، بل هو لرافضي خبيث .
ومما سبق يتبين كذب الحكاية الملفقة على الصحابة الكرام ، وأنه ليس ثمة جنين أسقط لفاطمة رضي الله عنها ، وتبين لكل منصف أن الله تعالى قد أكرم أهل بيت النبي الكريم بأبي بكر الصدِّيق ، يجلهم ، ويعظمهم تنفيذا لوصية نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنهم كانوا في مقام يليق بهم في دولته ، وأنه ما أساء لأولئك الأطهار إلا الزنادقة والضلال .
ان العزو إلى بعض الكتب الحديثية وكتب التراجم والتاريخ الإسلامي إذن عزو غير موفق ، فهذه الكتب فندت الأكاذيب والافتراءات فكيف ننسب إليها تأكيد أكاذيب بأن خيري الأمة بعد نبيها الكريم ( أي العمرين ) قد أساءا إلى آل البيت وتعديا على بضعة رسول الله الزهراء البتول رضي الله عنها وأرضاها ؟؟؟!!!

هذه خلاصة بحثي أثبتها لله والتاريخ وأستغفر الله لي ولكم ولجميع الباحثين الصادقين في أبحاثهم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
د. محمد فتحى الحريرى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://aleijazat.alafdal.net/montada-f106/topic-t3736.htm