انقلاب
بقلم محمد يوسف جبارين (أبوسامح ) ..أم الفحم..فلسطين
فما هذا ؟ ماذا يجري هناك ؟ أسئلة تاهت في ذهني عن جوابها ، أمعقول أن اقتتالا داخليا ، قد تم استئنافه بسبب من محاولة اخضاع من هذا الجانب للآخر ، أم تراها خصومة انفجرت فضاع العقل في جهل أوقد شعلة من نار ، لقد تهيبت من هول ما قر في أذني ، فتسمرت في مكاني فلم أفارقه ، لاحظت بأن الناس يتسارعون في خطاهم في اتجاه بعيد عن مصادر النيران ، فمنهم من يركض أو يهرول ، وآخرين يفرون بسياراتهم ، وغيرهم يغلقون ورشات عملهم ، ويوصدون الأبواب ويذهبون ، ومن جهة مقابلة لي رأيت مسلحين يطيرون في سيارة يركبونها نحو هدف لا أعرفه، وعلى البعد رأيت شروق تهرول ، وبدأت أركض نحوها ، وما أن دانيتها حتى أخذت بيدي ، الى أين ، تعال معي بعيدا عن النار ، ماذا يحدث ، انقلاب ، انقلاب من على من ، انقلاب حرية على حرية ، ماذا يا شروق ، تكلمي ، هو كذلك ما تقول ، كيف عرفت ، لا أدري ، كلمة نزلت من لساني ، فلعل حسي بدنو هذا اليوم ، هو ما أنطقني هذه الكلمة ، يا للهول ، ضاع الحوار ، لا حوار ، الحوار هو حوار الموت مع الحياة ، كنا نحلم ببناء الحياة ، وأصبحنا الموت نقدمه للحياة ، كيف يصبح الانسان بمقام الموت في هذه الدنيا ، يذبح الأخ أخاه ، ما أبشعنا ، أطل الوحش من داخلنا ، لم أكن أراه ، كان يتخفى وراء ستار وحان وقت ظهوره ، كيف لم نره بكل هذا العقل الذي نمتلك ، كان يقاوم ، يحارب ، يستشهد ، قام بتأسيس قبوله والثناء عليه ، كان أملا في الحرية ، كان رعبا للأعداء ، تاه الوعي عن وعيه ، أصبحنا بلا وعي ، بل هو يعي ما يفعل ، وأنا لا أعي ما أرى ، ابحث لك عن عقل آخر ، أين أجده ، لا أدرى ، لربما في الخيال ، الواقع ينفي الخيال ، الحقيقة أطلت وفر الوهم ، الأخ أصبح وهما ، البارحة كان أخي ، واليوم أين هو أخي ، لا أخا لك بعد الآن ، الشك يسأل الأخوة عن حقيقتها ، أي شك ، كان أخا أصبح موتا ، يأتيك من حيث لا تدري ، هل لديك طعم للحياة ، العلقم ، هذا متوفر بكثرة في حلقي ، أبحث عن شيء آخر ، ما هو ، معنى للحياة ، الموت ، ألآن فهمت ، الموت يعطيك مالا وسيطرة ، أنا ، لا أقصدك أنت ، وانما الذين يسعون بالموت لتحقيق سيادة لهم ، هل ثمة حياة خارج الغاب ، وهم توهمناه نثرا وشعرا ، كان العقل ، ذهب العقل ، لا فائدة من العقل ، فلا عقل ولا خيال ، فماذا أنا ، أصبحنا وأصبح الأنا في خبر يا ليت ما كنت أنا ، وأنا ، فلا أسوأ منا حين لا نكون أنفسنا ، وهل كنا أنفسنا ، لم نكن أنفسنا ، لم نعد أنفسنا ، فمتى نكون ، عندما نجد العقل ونجد أنفسنا ، كيف نجدهما ، كيف نبحث عنهما ، بأية وسيلة نستدل عليهما ، فاذا لا هذا ولا هذه معك ، فكيف سبيلك اليهما ، ابحث عن النهار في الليل ولا تبحث عنه في النهار ، أرى ليلا ولا أرى نهارا ، ليلنا في نهارنا ، فأين النهار ، أصبح الليل سرمدا ، أما زالت الشمس في السماء ، هل تراها ، لا أرى شيئا ، أرى ظلاما ، ، وهل توقفت الأرض عن دورانها ، لا أدري ، كيف عرفت بأنها تدور ، قالوا بأنها كذلك ، فأين الدليل ، لا شيء يدور هنا غير الموت ، هل ترى في ما يحدث شيئا تستدل به على كلمة نحن ، فأين نحن ، لا أعرف ، فتش عنها الآن لا تجدها ، لربما نجدها في نفسي وفي نفسك ، لربما فأمثالنا كل ما تبقى من نحن ، البقية الباقية ، دوما هناك بقية ، فما مقدار تأثيرها ، تلد حياة أخرى ، يأخذها الى ذلك وقت طويل ، في خلاله يضيع الكثير ، الضياع كلمة نزلت في اللغة لتحقق ذاتها ، ها هي وجدت فرصتها ، فثمة بشر يذبحون في المصير يؤثثون لها جملتها ، ضياع يحتل العقل الجماعي ، المجتمع تشرذم ، يأكل بعضه بعضا ، هناك أكثر من عقل ، أو قل لا عقل ، فليس ثمة عقل جماعي ، الا أن يتم تحديد ما الجماعة وما العقل ، هناك لاعقل جماعي ، لربما ، وهل الجماعة التي تعني تشبه ما عرفت عنها قبل أيام ، بالطبع لا ، اذن هي ليست هي الآن ، فما هي ، تلاشى المجتمع بضربة جنون ، ألا يقال بأن فلان أصابه مس من جنون ، ربما ، فكذلك المجتمع ، مجتمع مجنون ، أين نجد العقل ، ربما في سلة المهملات ، لا ،لا ، لماذا ، أليس المهمل أو الذي تتخلص منه ولم يعد بك حاجة اليه تلقيه في سلة مهملات ، بلى ، فأين نجد العقل ، لو أجد مكانا يبيعون فيه العقل الذي أحبه وأريده لأشتريته الآن وقمت بتوزيعه على من أضاعوا عقولهم ، وهل من يزهو باللاعقل يرتضي العقل فيتخلص من زهوه ، أشك في ذلك ، لو قلت للمجنون أنت مجنون ، لقال لك بل أنت المجنون ، فما هو ، أثمة عقل للعقل ، فكيف يكون لاعقلا بلا عقل يودعه ، أعني عقل اللاعقل ، فاللاعقل يتعقل على طريقته ، كما الجنون ، لماذا حال العقل ليس مثل حال البندورة أو الدواء ، فاذا ضاع منك تذهب وتشتريه ، لو كان مثل هذا قائما ، لكانت المقبرة أكثر الأسماء زعلا ، فهي فرحة الآن تزهو فهي سوف تنتفخ ، تتسع بضيوفها ، وتصبح محل رعاية واهتمام من الذين مزق اللاعقل في لحمهم ، لماذا الورود متواطئة مع الموت ، فاذا كان موت ترى الورود وقد بيعت بكثرة ، تذهب لتوضع فوق قبر ، فلا يتنفسها أحد ، هي مظهر من مظاهر الوفاء ، هل يفرح بائع الورد بمزيد من القتلى ، بالطبع هذه فرصته ، يجني مزيدا من المال ، يطعم أطفاله ، أمن العقل أن يتمنى بائع الطيب موتا لأعز الناس من أجل أن يأكل ، هل تذكر الاقتتال الذي سبق هذا الجنون الذي نحن فيه الآن ، نعم أذكره ، يومها رأيت بائع زهور يسارع الى فتح دكانه والبشاشة تعلو محياه ، سألته الى أين في هذه الظروف الخطيرة ، قال رزق العيال ، الموتى لا يشترون ورودا ، والورود لن تعيدهم الى الحياة ، هي الرغبة الدفينة في استبقائهم أحياء ، فكأنك بالورد تستحضرهم ، الوهم عزاء للنفوس التي تحس بأن الموت أنزل بها قهرا ، لولا أن الموت قهرا ما زار أحد قبرا ، اذا أصبح الموت اختياريا فلن يختاره أحد ، الموت خارج الاختيار ، انه في نطاق الجبرية ، لا مفر ، هكذا هي الحياة ، فلماذا يستعجلون الموت يقدمونه لغيرهم على كف قنبلة أو رصاصة ، لو نطقت مادة القنبلة لاختارت أن تكون صحن طعام ، زرت بيتا اجتمع عليه الفقر ، فكان العقل هو الملاذ ، فكل أثاث البيت من بقايا صواريخ أو قنابل أو ما الى ذلك ، حتى اللوحات الفنية ، لماذا المادة خلو من اختيار ، ملكة العقل في الانسان وحده ، كيف عرفت ، قالوا ، أين الدليل على أن الحجر لا عقل له ، قتلوا الفلسفة في الشرق لكي لا نفكر ، التفكير لا يكون بغير الحرية ، والقهر لا يجيز الحرية ، فأنت مخلوق لكي تكون مقهورا ، لا لتحيا حرا ، فأن تكون حرا يعني أن تفكر باسقاط الاستبداد وهذا يوصلك الى القبر ، فأو القبر أو الحرية ، تماما كما الاستعمار فأو تكون معه أو ضده ، فأو تكون عبدا ، أو القبر ، ومن التبعية تولد سيطرة ، تابع وقوة ومال وسيطرة ، اقتل أخاك ونجعلك سيدا ، سيدا على ماذا ، سيد القهر ، يقهر يسيطر ، سيطرة فقهر ، فلا مكان للحرية ، الحرية مطاردة ، نطرد الاستعمار ، ونتعلم منه كيف تكون السيطرة ، نكون أتباعا لجهة بيدها مال ، هي توفر المال ونحن نحل مشكلة البطالة في وظائف من تدريب على حمل السلاح والطاعة العمياء ، فالتابع يريد أن يسيطر خدمة لمن هو اليه تابع ، ثم نستولد صفة مقاومة للاستعمار بالمقاومة ، فالمقتول ليس من يسيطر في كل الأحوال ، القتلى هم الفقراء الذين وجدوا خبزهم في التبعية لوهم اسمه وطن ، ولفعل اسمه تحرير وطن ، ماذا يقول لأمه قاتل ابنها ، قاتل أخاه ، لا أدري ، كنت أبحث عن طعام ، وظيفة من أجل الخبز أحالته الى جهنم ، هكذا يقول ديننا ، لكنه قال بأنه قتل كافرا ، مات غدرا وهو راكع يصلي أو وهو يطارد الاستعمار ، وهو يقاوم أو يفكر بالحرية ، اذا لم تطلق الرصاص على الحرية فلن تكون سيدا ، الجهل والتخلف مساحات واسعة للبحث عن السيطرة ، التخلف والجهل هنا وهناك ، في كل ربوع الوطن العربي ، عرب طردوا الاستعمار ، ثم انقضوا على السلطة واستفردوا بها ، واستحالت الحرية لديهم بمعنى تنازلهم عن السلطة ، ومن هنا كان القهر يبرر بالسيطرة ، ذهب الاستعمار ، جاء القهر ، نحارب الاستعمار ، نحارب القهر ، كما الحال هنا ، الآن يتقدم القهر ، ناره تمزق في لحم القضية ، ماذا تبقى منها ، لم تزل باقية ، أين ، في استبداد يطارد حرية ، أم على موائد المؤتمرات الدولية ، يحيا الشعب ، أصبح كعكة فكل يريد نصيبه لامارة يحل بها عقدة نفسية تطارده من زمان ، انه اللاعقل ، انه هو ، ليس أمامك الا أن تختار بين القبر وبين أن تمضي في الحياة ذليلا بلا كرامة ، فاذا تحدثت بها ، لا تدري من أين تأتيك قنابل السيطرة ، كيف يستخرج الحر من داخل وعيه ما هو ضده ، الضد كامن في عمق الذات والعقل وحده الذي يرجىء ظهوره ، ضاع العقل وخرج الضد موظفا باللاعقل ليرسم اللامعقول ، انه الجنون ، بالجنون يحيا المجنون ، فأن تكون بلا عقل فأنت مجنون ، هل ثمة جمال في الجنون ، لكل مجال جماله ، في نطاق الجنون ، يتجمل المجنون بالسيطرة ، فاللعنة تنصب على العقل ، اذا أردت أن تكون مواطنا في ظل حكم الجنون ، فعليك أن تتخلص من عقلك ، أو تستغني عنه ، فان لم تفعل فكل اللعنات تنصب عليك ، ليتم تعويمك في الفضاء العام الى ما بؤهل الى جلدك أو قمعك ، أو قهرك ، أو التخلص منك بقذفك من أعلى عمارة موجودة ولم تزل واقفة على قدميها ، لماذا لم تخرج من طولها ، تواطوء استعماري ، فدوما الاستعمار يغذي الاستبداد بطرق ذكية ، يترك له أدوات قمع هو بحاجة اليه ، القهر يوصله الى مرتبة عدو لشعبه ، فلا يجد مثل الاستعمار سندا ضد شعبه ، فالى أين تأخذنا خطانا ، الى واجب لا مفر منه ، لو كانت بيدي قوة تسكت هذه النيران لفعلت الآن ، وأرغمت اللاعقل أن يفر ليعود العقل ويحل الحوار ، لن تقدر على فعل شيء ، بالطبع فاذ لا عقل ، فكل صوت له لا يكون مسموعا ، أنا ذاهب الى داخل الصورة ، الى مشاهدات وكتابات تمزقني ، تحرق مني كل صبر ، تماسك ، فالحقيقة لا بد نحتاجها غدا ، أنا الى ما يمكني فعله ، الى الاسعاف ، أركب سياراتهم ، وأساعد ، وسار كل بدمعته على حال نحن فيه ، وبظنه بأنه يمكنه أن يجد مساحة من وفاء وسط آلام وأحزان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق