شبهتان كاذبتان للشيعة في الشيخين العمرين
العمران هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب الخليفتان الراشدان المبشران بالجنة ، ويتهمهما الشيعة – أصلحهم الله زورا ومينا بالإساءة إلى البتول سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام . ويستدلون على تهمهم الفاسدة ببعض المرويات الحديثية ، وكانت الأخت الباحثة الأستاذة الكبيرة وديعة العمراني قد وجهت إليَّ مثل هذا السؤال في رسالة ، حفظها الله ، وهاأنذا أقوم بالكتابة في الموضوع في الرد على شبهتين خطيرتين كاذبتين :
-الرد على شبهة قول أبوبكر "فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ".قال الطبراني – في المعجم 1-الكبير - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 62 ) :
"حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، ثنا سعيد بن عفير ، حدثني علوان بن داود البجلي ،عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر ( ر ) ،أعوده في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه وسألته كيف أصبحت ، فاستوى جالسا ، فقلت : أصبحت بحمد الله بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى وجع ، وجعلتم لي شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية ، وستنجدون بيوتكم بسور الحرير ، ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذري ، كأن أحدكم على حسك السعدان ، ووالله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه ، في غير حد خير له من أن يسيح في غمرة الدنيا ثم قال : أما إني لا آسى على شيء ، إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (ص) عنهن ،
فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن : فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ، وأن أغلق علي الحرب ، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : أبي عبيدة أو عمر ، فكان أمير المؤمنين ، وكنت وزيرا ، ووددت أني حيث كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإلا كنت ردءا أو مددا ، وأما اللاتي وددت أني فعلتها : فوددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه يكون شر الإطار إليه ، ووددت أني يوم أتيت بالفجاة السلمي لم أكن أحرقه ، وقتلته سريحا ، أو أطلقته نجيحا ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله عز وجل ، وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله (ص) : عنهن ، فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله ، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر سبب ، ووددت أني سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن في نفسي منهما حاجة . " هذا الأثر الضعيف شبه الموضوع أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ومن طريقه الضياء في المختارة وابن زنجويه في كتاب الأموال والعقيلي في الضعفاء وابن عساكر في تاريخ دمشق والطبري في تاريخه.
قلت وهو أثر ضعيف فيه عدة علل :
الأولى :- مداره من جميع طرقه على علوان بن داود البجلي وهو راو ضعيف أطبق الأئمة على تضعيفه. قال البخاري عنه منكر الحديث وهكذا قال ابن يونس وقد ذكره غير واحد بهذا الأثر وأنه من منكراته منهم الحافظ الذهبي في ميزانه والحافظ ابن حجر في اللسان والعقيلي في الضعفاء.
قال العقيلي في الضعفاء لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به ، وقال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني وفيه علوان بن داود وهو ضعيف وهذا الأثر مما أنكر عليه.
فإن قيل قد روي من وجه آخر ليس فيه علوان بن داود كما في رواية ابن عساكر في تاريخه بإسناده عن أبي الهيثم خالد بن القاسم قال حدثنا الليث بن سعد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف أنه دخل على أبي بكر الصديق يعوده في مرضه الذي مات فيه .... الحديث .
قلنا هذا الطريق غير محفوظ وذلك لأن أبا الهيثم خالد بن القاسم هذا متروك تركه الناس أي أئمة الحديث ونقاله , تركوه وذلك لأنه كان كذاباً يزيد في الأسانيد وينقص لا سيما عن الليث وقد خالفه تلاميذ الليث ممن في طبقته وهم الثقات فرووه عن الليث بن سعد عن علوان بن داود عن صالح بن كيسان به منهم يحيي بن عبدالله بن بكير وهو ثقة في الليث ومنهم عثمان بن صالح المصري صدوق ومنهم كاتبه أي كاتب الليث أبو صالح ولا شك أن الجماعة مقدمة في الليث على ذلك الفرد المتروك .
ويؤكد ذلك أن الليث بن سعد قد تابعه سعيد بن عفير عند الطبراني فرواه عن علوان بن داود البجلي عن حميد به وسعيد بن عفير ثقة. وعليه فالصحيح أن هذا الأثر كما سبق عن الأئمة من مفردات علوان بن داود ومن منكراته ولا يعرف إلا من طريقه. فهو أأثر موضوع مكذوب لا اصل له ،،،
ولذا قال ابن عساكر في تاريخه وهو الذي أخرج تلك الرواية قال: رواه خالد بن القاسم المدائني وأسقط منه علوان بن داود وقد وقع لي عالياً من حديث الليث وفيه ذكر علوان ثم أكد ذلك بإسناده العالي عن محمد بن رمح عن الليث عن علوان . قلت: ومحمد بن رمح هذا ثقة ثبت. فهؤلاء أربعة من الثقات قد خالفوا ذلك المدائني الكذاب وعليه فالحديث حديث علوان بن داود لا ريب وهو ضعيف منكر الحديث.
العلة الثانية: اضطراب علوان بن داود هذا في إسناد حديثه فمرة يرويه كما سبق عن حميد بن عبدالرحمن بن حميد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبيه.
ومرة يرويه بإسقاط الرجلين أي مباشرة عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن عن أبيه.
ومرة يرويه مرسلا أي عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدا لرحمن عن أبي بكر أي دون أن يرويه عن أبيه. ولا غرابة في اضطرابه فهو كما ذكرنا ضعيف منكر الحديث لا يحتمل منه إلا ذلك.
ولأجل ما سبق أطبق جماعة من أئمة الحديث على تضعيف هذا الأثر منهم الحافظ العقيلي في الضعفاء والإمام الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر في اللسان على ما تقدم والله ولي التوفيق ..
2 - إدعاء ضرب عمر لسيدتنا فاطمة رضى الله عنها : هنا إثبات أكذوبة إدعاء كسر عمر بن الخطاب لضلع السيدة فاطمه الزهراء وإسقاط حملها وأنها أجهضت جنينها محسنا أثناء بيعة الخلافة لأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول الأعظم وهي أسطورة اختـُلـِقـَتْ وتطورت في القرن الثاني الهجري، ورددها بعض كتاب الأدب السني وليس المؤرخين المحققين من السنة ، ثم تلقفها بعض الوضَّاعين من الشيعة في القرنين الرابع والخامس الهجري، ووصلت إلى هذه الصورة.أما الهدف منها إنقاذ نظرية الإمامة الإلهية التي تلغيها تماما بيعة الإمام علي لأبي بكر وعمر وعثمان، لأنه ما كان ليبايعهم لو كانت هذه النظرية ثابتة وصحيحة، وأرادوا القول إنها تمت بالقوة بعد اقتحام بيت الزهراء وكسر ضلعها.هذه القصة لا توجد في أهم الكتب الشيعية المعتمدة مثل كتاب "الكافي" وهو عند الشيعة بالمنزلة العليا المعروفة ، حيث لم يذكرها مؤلفه الكـُليني أبدا رغم معرفته بكتاب سليم بن قيس الهلالي الذي ينسب إليه ادعاء حرق عمر لباب دار فاطمة وضربها واسقاط جنينها.وأن أهم ما ينفيها هي "العلاقات الاجتماعية الطيبة بين الإمام علي والخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إلى حد تزويجه ابنته وهي بالطبع ابنة فاطمة الزهراء "أم كلثوم" فكيف يكون ذلك إذا صحت رواية ضرب أمها لا سمح الله وهو صحابي جليل ومن أشد الناس حبا لآل البيت.. هذا غير معقول".ومما يُضحك هو: ما حاول بعض الكتاب من الرافضة إيهام العامة من أهل السنَّة أنه يوجد من يثبت هذه الحكاية من أهل السنَّة ! وبيان كذبهم وتدليسهم في أمور :- أوهموا أن الشهرستاني يثبتها أي قصة رفس عمر لفاطمة ، وتصوروا معي قسوة التعبير ( رفسها ) ! في كتابه أي الشهرستاني " الملل والنِّحَل والذي لا يـُستراب فيه أن هذا من الكذب الرخيص ، وأصل ذلك : أن الشهرستاني كان يترجم في كتابه للمعتزلي " إبراهيم بن سيار النظَّام " ، وذكر في أثناء ذلك أن تلك الحكاية هي مما افتراه النظّام ! ، وهذا نص كلامه :قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني – رحمه الله – في تعداد أوابد النظَّام - :الحادية عشرة : ميله إلى الرفض ، ووقيعته في كبار الصحابة ، قال : " .. وزاد في الفرية فقال : " إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة ، حتى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح : " احرقوا دارها بمن فيها " ، وما كان في الدار غير علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ." الملل والنحل " (1 / 52) .- ومما نقلوه أيضا في ذلك ببلاهة غريبة : ما نقلوه عن " ميزان الاعتدال " و " سير أعلام النبلاء " كلاهما للإمام الذهبي ، و " لسان الميزان " لابن حجر عن أبي بكر بن أبي دارم في إثبات إسقاط عمر لجنين فاطمة عليها السلام ،المدعو محسن ( وسُمِّي سقطا كما يقولون ) ! من قراءة بعض الناس عليه من كتاب ! فكيف نقلوا ذلك ببلاهة وغباء وحمق وحنق وخبث ؟ قالوا :" روى عنه الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك ، وقال : رافضي ، غير ثقة ، وقال : محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ بعد أن أرَّخ موته : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن " . انظر كيف جمع الله لهؤلاء الجهل مع الغباء ، فهو ينقل عن أئمة السنَّة أن هذا الخبيث المُترجم له : رافضيّ ، غير ثقة ، ثم ينقل عنه بكل بلاهة - إسقاط عمر لجنين فاطمة - سواء من كتابته ، أو من كتابة غيره ، مما يُقرأ عليه .قال الذهبي في ترجمته : أبو بكر بن أبي دارم : كان موصوفاً بالحفظ ، والمعرفة ، إلا أنه يترفض ( أي أنه يتشيع وينتسب لمذهب الرافضة ) ، قد ألف في الحط على بعض الصحابة وانتقاص مكانتهم ، وهو مع ذلك ليس بثقة في النقل .وقال :قال الحاكم : هو رافضي ، غير ثقة .وقال محمد بن حماد الحافظ : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : أن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت محسناً..قلت : شيخ ضال معثر ." سير أعلام النبلاء " (15 / 577 ، 578) .وقد ذكر نحوا من ذلك في "ميزان الاعتدال" بأطول مما هنا ، وبدأ ترجمته بقوله : " أحمد بن محمد .. ، أبو بكر ، الكوفي ، الرافضي الكذاب" . وهكذا نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في " لسان الميزان " . ونلاحظ أن هؤلاء العلماء حكموا على ابن أبي دارم بالرفض ، ونقلوا عن الحافظ محمد بن حمَّاد أنه ترك حديثه ، ثم جاء هؤلاء ليتكثروا بالنقولات ، وقد أخزاهم الله بأن جعلها عليهم ، لا لهم .- ومما نقلوه : رواية عن أبي بكر رضي الله عنه فيها قوله : " وددت أني لم أحرق بيت فاطمة " ! .- وقد نقلوا في إثبات الحكاية المنكرة عن المسعودي في كتابه " مروج الذهب " ، وابن قتيبة في كتابه " الإمامة والسياسة " .والرد أما المسعودي : فهو رافضي مثلهم ، ولا يوثق بنقله . وأما ابن قتيبة : فهو من رؤوس أهل السنَّة ، لكن الكتاب لا تصح نسبته إليه ، بل هو لرافضي خبيث .
ومما سبق يتبين كذب الحكاية الملفقة على الصحابة الكرام ، وأنه ليس ثمة جنين أسقط لفاطمة رضي الله عنها ، وتبين لكل منصف أن الله تعالى قد أكرم أهل بيت النبي الكريم بأبي بكر الصدِّيق ، يجلهم ، ويعظمهم تنفيذا لوصية نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنهم كانوا في مقام يليق بهم في دولته ، وأنه ما أساء لأولئك الأطهار إلا الزنادقة والضلال .
ان العزو إلى بعض الكتب الحديثية وكتب التراجم والتاريخ الإسلامي إذن عزو غير موفق ، فهذه الكتب فندت الأكاذيب والافتراءات فكيف ننسب إليها تأكيد أكاذيب بأن خيري الأمة بعد نبيها الكريم ( أي العمرين ) قد أساءا إلى آل البيت وتعديا على بضعة رسول الله الزهراء البتول رضي الله عنها وأرضاها ؟؟؟!!!
هذه خلاصة بحثي أثبتها لله والتاريخ وأستغفر الله لي ولكم ولجميع الباحثين الصادقين في أبحاثهم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
د. محمد فتحى الحريرى
العمران هما أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب الخليفتان الراشدان المبشران بالجنة ، ويتهمهما الشيعة – أصلحهم الله زورا ومينا بالإساءة إلى البتول سيدتنا فاطمة الزهراء عليها السلام . ويستدلون على تهمهم الفاسدة ببعض المرويات الحديثية ، وكانت الأخت الباحثة الأستاذة الكبيرة وديعة العمراني قد وجهت إليَّ مثل هذا السؤال في رسالة ، حفظها الله ، وهاأنذا أقوم بالكتابة في الموضوع في الرد على شبهتين خطيرتين كاذبتين :
-الرد على شبهة قول أبوبكر "فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ".قال الطبراني – في المعجم 1-الكبير - الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 62 ) :
"حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج المصري ، ثنا سعيد بن عفير ، حدثني علوان بن داود البجلي ،عن حميد بن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن صالح بن كيسان ، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف ، عن أبيه ، قال : دخلت على أبي بكر ( ر ) ،أعوده في مرضه الذي توفي فيه ، فسلمت عليه وسألته كيف أصبحت ، فاستوى جالسا ، فقلت : أصبحت بحمد الله بارئا ، فقال : أما إني على ما ترى وجع ، وجعلتم لي شغلا مع وجعي ، جعلت لكم عهدا من بعدي ، واخترت لكم خيركم في نفسي فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الأمر له ، ورأيت الدنيا قد أقبلت ولما تقبل وهي جائية ، وستنجدون بيوتكم بسور الحرير ، ونضائد الديباج ، وتألمون ضجائع الصوف الأذري ، كأن أحدكم على حسك السعدان ، ووالله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه ، في غير حد خير له من أن يسيح في غمرة الدنيا ثم قال : أما إني لا آسى على شيء ، إلا على ثلاث فعلتهن ، وددت أني لم أفعلهن ، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن ، وثلاث وددت أني سألت رسول الله (ص) عنهن ،
فأما الثلاث اللاتي وددت أني لم أفعلهن : فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته ، وأن أغلق علي الحرب ، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين : أبي عبيدة أو عمر ، فكان أمير المؤمنين ، وكنت وزيرا ، ووددت أني حيث كنت وجهت خالد بن الوليد إلى أهل الردة ، أقمت بذي القصة فإن ظفر المسلمون ظفروا ، وإلا كنت ردءا أو مددا ، وأما اللاتي وددت أني فعلتها : فوددت أني يوم أتيت بالأشعث أسيرا ضربت عنقه ، فإنه يخيل إلي أنه يكون شر الإطار إليه ، ووددت أني يوم أتيت بالفجاة السلمي لم أكن أحرقه ، وقتلته سريحا ، أو أطلقته نجيحا ، ووددت أني حيث وجهت خالد بن الوليد إلى الشام وجهت عمر إلى العراق فأكون قد بسطت يدي يميني وشمالي في سبيل الله عز وجل ، وأما الثلاث اللاتي وددت أني سألت رسول الله (ص) : عنهن ، فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الأمر فلا ينازعه أهله ، ووددت أني كنت سألته هل للأنصار في هذا الأمر سبب ، ووددت أني سألته عن العمة وبنت الأخ ، فإن في نفسي منهما حاجة . " هذا الأثر الضعيف شبه الموضوع أخرجه الطبراني في معجمه الكبير ومن طريقه الضياء في المختارة وابن زنجويه في كتاب الأموال والعقيلي في الضعفاء وابن عساكر في تاريخ دمشق والطبري في تاريخه.
قلت وهو أثر ضعيف فيه عدة علل :
الأولى :- مداره من جميع طرقه على علوان بن داود البجلي وهو راو ضعيف أطبق الأئمة على تضعيفه. قال البخاري عنه منكر الحديث وهكذا قال ابن يونس وقد ذكره غير واحد بهذا الأثر وأنه من منكراته منهم الحافظ الذهبي في ميزانه والحافظ ابن حجر في اللسان والعقيلي في الضعفاء.
قال العقيلي في الضعفاء لا يتابع على حديثه ولا يعرف إلا به ، وقال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني وفيه علوان بن داود وهو ضعيف وهذا الأثر مما أنكر عليه.
فإن قيل قد روي من وجه آخر ليس فيه علوان بن داود كما في رواية ابن عساكر في تاريخه بإسناده عن أبي الهيثم خالد بن القاسم قال حدثنا الليث بن سعد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف أنه دخل على أبي بكر الصديق يعوده في مرضه الذي مات فيه .... الحديث .
قلنا هذا الطريق غير محفوظ وذلك لأن أبا الهيثم خالد بن القاسم هذا متروك تركه الناس أي أئمة الحديث ونقاله , تركوه وذلك لأنه كان كذاباً يزيد في الأسانيد وينقص لا سيما عن الليث وقد خالفه تلاميذ الليث ممن في طبقته وهم الثقات فرووه عن الليث بن سعد عن علوان بن داود عن صالح بن كيسان به منهم يحيي بن عبدالله بن بكير وهو ثقة في الليث ومنهم عثمان بن صالح المصري صدوق ومنهم كاتبه أي كاتب الليث أبو صالح ولا شك أن الجماعة مقدمة في الليث على ذلك الفرد المتروك .
ويؤكد ذلك أن الليث بن سعد قد تابعه سعيد بن عفير عند الطبراني فرواه عن علوان بن داود البجلي عن حميد به وسعيد بن عفير ثقة. وعليه فالصحيح أن هذا الأثر كما سبق عن الأئمة من مفردات علوان بن داود ومن منكراته ولا يعرف إلا من طريقه. فهو أأثر موضوع مكذوب لا اصل له ،،،
ولذا قال ابن عساكر في تاريخه وهو الذي أخرج تلك الرواية قال: رواه خالد بن القاسم المدائني وأسقط منه علوان بن داود وقد وقع لي عالياً من حديث الليث وفيه ذكر علوان ثم أكد ذلك بإسناده العالي عن محمد بن رمح عن الليث عن علوان . قلت: ومحمد بن رمح هذا ثقة ثبت. فهؤلاء أربعة من الثقات قد خالفوا ذلك المدائني الكذاب وعليه فالحديث حديث علوان بن داود لا ريب وهو ضعيف منكر الحديث.
العلة الثانية: اضطراب علوان بن داود هذا في إسناد حديثه فمرة يرويه كما سبق عن حميد بن عبدالرحمن بن حميد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن أبيه.
ومرة يرويه بإسقاط الرجلين أي مباشرة عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن عن أبيه.
ومرة يرويه مرسلا أي عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدا لرحمن عن أبي بكر أي دون أن يرويه عن أبيه. ولا غرابة في اضطرابه فهو كما ذكرنا ضعيف منكر الحديث لا يحتمل منه إلا ذلك.
ولأجل ما سبق أطبق جماعة من أئمة الحديث على تضعيف هذا الأثر منهم الحافظ العقيلي في الضعفاء والإمام الذهبي في الميزان والحافظ ابن حجر في اللسان على ما تقدم والله ولي التوفيق ..
2 - إدعاء ضرب عمر لسيدتنا فاطمة رضى الله عنها : هنا إثبات أكذوبة إدعاء كسر عمر بن الخطاب لضلع السيدة فاطمه الزهراء وإسقاط حملها وأنها أجهضت جنينها محسنا أثناء بيعة الخلافة لأبي بكر الصديق بعد وفاة الرسول الأعظم وهي أسطورة اختـُلـِقـَتْ وتطورت في القرن الثاني الهجري، ورددها بعض كتاب الأدب السني وليس المؤرخين المحققين من السنة ، ثم تلقفها بعض الوضَّاعين من الشيعة في القرنين الرابع والخامس الهجري، ووصلت إلى هذه الصورة.أما الهدف منها إنقاذ نظرية الإمامة الإلهية التي تلغيها تماما بيعة الإمام علي لأبي بكر وعمر وعثمان، لأنه ما كان ليبايعهم لو كانت هذه النظرية ثابتة وصحيحة، وأرادوا القول إنها تمت بالقوة بعد اقتحام بيت الزهراء وكسر ضلعها.هذه القصة لا توجد في أهم الكتب الشيعية المعتمدة مثل كتاب "الكافي" وهو عند الشيعة بالمنزلة العليا المعروفة ، حيث لم يذكرها مؤلفه الكـُليني أبدا رغم معرفته بكتاب سليم بن قيس الهلالي الذي ينسب إليه ادعاء حرق عمر لباب دار فاطمة وضربها واسقاط جنينها.وأن أهم ما ينفيها هي "العلاقات الاجتماعية الطيبة بين الإمام علي والخليفة الثاني عمر بن الخطاب، إلى حد تزويجه ابنته وهي بالطبع ابنة فاطمة الزهراء "أم كلثوم" فكيف يكون ذلك إذا صحت رواية ضرب أمها لا سمح الله وهو صحابي جليل ومن أشد الناس حبا لآل البيت.. هذا غير معقول".ومما يُضحك هو: ما حاول بعض الكتاب من الرافضة إيهام العامة من أهل السنَّة أنه يوجد من يثبت هذه الحكاية من أهل السنَّة ! وبيان كذبهم وتدليسهم في أمور :- أوهموا أن الشهرستاني يثبتها أي قصة رفس عمر لفاطمة ، وتصوروا معي قسوة التعبير ( رفسها ) ! في كتابه أي الشهرستاني " الملل والنِّحَل والذي لا يـُستراب فيه أن هذا من الكذب الرخيص ، وأصل ذلك : أن الشهرستاني كان يترجم في كتابه للمعتزلي " إبراهيم بن سيار النظَّام " ، وذكر في أثناء ذلك أن تلك الحكاية هي مما افتراه النظّام ! ، وهذا نص كلامه :قال محمد بن عبد الكريم الشهرستاني – رحمه الله – في تعداد أوابد النظَّام - :الحادية عشرة : ميله إلى الرفض ، ووقيعته في كبار الصحابة ، قال : " .. وزاد في الفرية فقال : " إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة ، حتى ألقت الجنين من بطنها ، وكان يصيح : " احرقوا دارها بمن فيها " ، وما كان في الدار غير علي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين ." الملل والنحل " (1 / 52) .- ومما نقلوه أيضا في ذلك ببلاهة غريبة : ما نقلوه عن " ميزان الاعتدال " و " سير أعلام النبلاء " كلاهما للإمام الذهبي ، و " لسان الميزان " لابن حجر عن أبي بكر بن أبي دارم في إثبات إسقاط عمر لجنين فاطمة عليها السلام ،المدعو محسن ( وسُمِّي سقطا كما يقولون ) ! من قراءة بعض الناس عليه من كتاب ! فكيف نقلوا ذلك ببلاهة وغباء وحمق وحنق وخبث ؟ قالوا :" روى عنه الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك ، وقال : رافضي ، غير ثقة ، وقال : محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ بعد أن أرَّخ موته : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : إن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت بمحسن " . انظر كيف جمع الله لهؤلاء الجهل مع الغباء ، فهو ينقل عن أئمة السنَّة أن هذا الخبيث المُترجم له : رافضيّ ، غير ثقة ، ثم ينقل عنه بكل بلاهة - إسقاط عمر لجنين فاطمة - سواء من كتابته ، أو من كتابة غيره ، مما يُقرأ عليه .قال الذهبي في ترجمته : أبو بكر بن أبي دارم : كان موصوفاً بالحفظ ، والمعرفة ، إلا أنه يترفض ( أي أنه يتشيع وينتسب لمذهب الرافضة ) ، قد ألف في الحط على بعض الصحابة وانتقاص مكانتهم ، وهو مع ذلك ليس بثقة في النقل .وقال :قال الحاكم : هو رافضي ، غير ثقة .وقال محمد بن حماد الحافظ : كان مستقيم الأمر عامة دهره ، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب ، حضرته ورجل يقرأ عليه : أن عمر رفس فاطمة حتى أسقطت محسناً..قلت : شيخ ضال معثر ." سير أعلام النبلاء " (15 / 577 ، 578) .وقد ذكر نحوا من ذلك في "ميزان الاعتدال" بأطول مما هنا ، وبدأ ترجمته بقوله : " أحمد بن محمد .. ، أبو بكر ، الكوفي ، الرافضي الكذاب" . وهكذا نقل الحافظ ابن حجر رحمه الله في " لسان الميزان " . ونلاحظ أن هؤلاء العلماء حكموا على ابن أبي دارم بالرفض ، ونقلوا عن الحافظ محمد بن حمَّاد أنه ترك حديثه ، ثم جاء هؤلاء ليتكثروا بالنقولات ، وقد أخزاهم الله بأن جعلها عليهم ، لا لهم .- ومما نقلوه : رواية عن أبي بكر رضي الله عنه فيها قوله : " وددت أني لم أحرق بيت فاطمة " ! .- وقد نقلوا في إثبات الحكاية المنكرة عن المسعودي في كتابه " مروج الذهب " ، وابن قتيبة في كتابه " الإمامة والسياسة " .والرد أما المسعودي : فهو رافضي مثلهم ، ولا يوثق بنقله . وأما ابن قتيبة : فهو من رؤوس أهل السنَّة ، لكن الكتاب لا تصح نسبته إليه ، بل هو لرافضي خبيث .
ومما سبق يتبين كذب الحكاية الملفقة على الصحابة الكرام ، وأنه ليس ثمة جنين أسقط لفاطمة رضي الله عنها ، وتبين لكل منصف أن الله تعالى قد أكرم أهل بيت النبي الكريم بأبي بكر الصدِّيق ، يجلهم ، ويعظمهم تنفيذا لوصية نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأنهم كانوا في مقام يليق بهم في دولته ، وأنه ما أساء لأولئك الأطهار إلا الزنادقة والضلال .
ان العزو إلى بعض الكتب الحديثية وكتب التراجم والتاريخ الإسلامي إذن عزو غير موفق ، فهذه الكتب فندت الأكاذيب والافتراءات فكيف ننسب إليها تأكيد أكاذيب بأن خيري الأمة بعد نبيها الكريم ( أي العمرين ) قد أساءا إلى آل البيت وتعديا على بضعة رسول الله الزهراء البتول رضي الله عنها وأرضاها ؟؟؟!!!
هذه خلاصة بحثي أثبتها لله والتاريخ وأستغفر الله لي ولكم ولجميع الباحثين الصادقين في أبحاثهم ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه والتابعين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
د. محمد فتحى الحريرى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://aleijazat.alafdal.net/montada-f106/topic-t3736.htm
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق