التمييز هو الحل !
بقلم: حسن جبارين
تمييز مضاد في المسكن
رغبت عائلة يهودية تقطن في «موشاف » نباطيم بتأجير شقتها لسنة واحدة لعائلة صديقة ومقربة جدًا منها، وهي بالصدفة عائلة عربية من النقب ، فما كان من لجنة الموشاف إلا أن انتفضت وتوجّهت إلى المحكمة المركزية بادّعاء أنّ هذا التأجير يأتي خلافًا لنُظم الموشاف التي تُلزم بالحصول على تصديق من رئيس اللجنة ، وادّعت العائلة اليهودية أنّ هذا غير مُتبع في الموشاف، وأنّ هذه ليست المرة الأولى التي يؤجرون فيها الشقة من دون تصديق مسبق، خصوصًا وأنّ الحديث يدور عن إيجار لفترة قصيرة .
وقد اقتنعت المحكمة المركزية التي استمعت إلى الأدلة بأنّ هذا غير متبع حقًا في الموشاف. كما أنّ البعض من سكان الموشاف لم يخفوا مواقفهم في الإعلام، وقالوا إنه من حقهم منع هذه الصفقة التي تمسّ بالطابع الثقافي الخاص بالموشاف .ثم توجهت لجنة الموشاف إلى المحكمة العليا التي اشترطت تصديق صفقة التأجير لدى اللجنة. هنا، سيواصل الحقوقيون طرح السؤال على «عدالة » الذي مثّل العائلة اليهوديّة : كيف تصدر العليا قرارًا يعارض استخلاصات المحكمة المركزية التي استمعت إلى الأدلة وكيف تتجاهل أيضًا الرغبة المُلكية الخاصة بالعائلة اليهودية بتأجير شقتها وفق رغبتها؟
على أيّ حال، تبدو المحكمة العليا في هذه الحالة أنها تصرفت على قدم المساواة: فهي لم تميز ضد العائلة العربية فحسب، بل ضد العائلة اليهودية التي فضّلت أصدقاء عربًا بدلا من أصدقاء يهود .
تمييز مضاد في الخدمات؟
قرر مقهى «أزاد » العربي في حيفا منع جندي يرتدي البزة العسكرية من تلقي الخدمات التي يوفرها المقهى، بادّعاء أنّ المقهى يعارض أيّ توجه عسكرانيّ، سواءً أكان عربيًا أم يهوديًا . وقد قدم الجندي دعوى أضرار ضد «أزاد ». القانون يمنع التمييز في تلقي الخدمات إلا أنه لا يتحدث عن منع التمييز على خلفية المظهر الخارجي .
كما أنّ بلدية حيفا بدأت بإجراء إداري يسعى لإغلاق المقهى في أعقاب تمييزه ضد الجندي.
هنا نشير إلى تحوّل تاريخي: للمرة الأولى يميّز العرب ضد اليهود في دولة اليهود ، وفي حال فوز الجندي في دعوى الأضرار ومنع المحكمة للتمييز على خلفية المظهر الخارجي، فإنّ الأمر سيصبّ في صالح النساء العربيات المتدينات اللواتي يُميّز ضدّهنّ بواسطة التفتيش الجسديّ وعند الدخول إلى المجمعات التجارية بسبب الحجاب .
في حال فازت البلدية وسُمح لها بإغلاق المقهى نتيجة لتمييزه في تقديم الخدمات، فإنّ الأمر سيعود بالغبطة على المواطنين العرب الذين يجري التمييز ضدهم لدى الدخول إلى المطاعم والبارات. إلا أنّ هذا سيُلزم أيضًا بإغلاق عشرات المقاهي والبارات والمطاعم اليهودية في حيفا. وها نحن ذا نكتشف اختراعًا عربيًا جديدًا: كي يكون بوسعهم محاربة التمييز، على العرب أن يميّزوا ضد اليهود. وعندها سيقوم مقهى عربي بنشر إعلان «مطلوب عاملون لم يؤدّوا الخدمة العسكرية »، وستقوم المحكمة بإصدار قرار ضد النشر وستقرر: ليست هناك علاقة بين الخدمة العسكرية وبين القبول للعمل.
وسيكون قرار الحكم لصالح المواطنين العرب الذين يُميَّز ضدهم يوميًا جراء عدم أدائهم للخدمة العسكرية.وعندها سيتم العثور على عائلة يهودية ودية ستطلب استئجار بيت في قرية عربية وستمتنع السلطة المحلية عن قبول عملية التأجير في أعقاب ((المسّ بالطابع الثقافي )) .
وستمنع المحكمة التمييز في المسكن على خلفية قومية وستخرج أيضًا ضد القرار الصادر عن المحكمة العليا في موشاف نباطيم . الأمثلة كثيرة وربما من المستحسن عدم الكشف عنها جميعها الآن.. ومن أجل المكاشفة، فإنّ «عدالة» يمثل «أزاد » في الإجراء الإداري الجاري ضد أمر الإغلاق من طرف البلدية .
تحريض ضدّي
يُكثر الصحافي بن كسبيت من «معريف »، مؤخرًا، من التهجّم على تنظيمات حقوق الإنسان في إسرائيل. ومن أجل تعزيز التحريض والكراهية ضدّ هذه التنظيمات، فإنه يستعين ب «عدالة ». في تقريره الأخير شدّد على أنّ هذه التنظيمات، و «عدالة » على رأسها، نظمت وقادت أحداث «أسبوع الأبرتهايد ضد إسرائيل » في أرجاء العالم. وقد أدّى هذا إلى إثارة غضب بعض أصدقاء «عدالة » الشديد: كيف يمكن ل «عدالة »، الذي لم يشارك في هذه الفعاليات والذي لم ينضم كعضو في حركة المقاطعة، أن يسرق شرف وسمعة الآخرين وأن ينسب لنفسه أمرًا لم يقم به. وقد رددنا على هذا النقد بأننا لم نقف من وراء التقرير، كما أنّ بن كسبيت لم يستوضح الحقائق معنا وقام بكتابة ما كتب انطلاقًا من دسّ وتحريض جمهور القراء اليهود ضد «عدالة »، ولم يكن في نيته كيل المديح ل «عدالة » ومنحه السمعة. في حال قدّم أشخاص يهود من تل أبيب أعضاء في حركة المقاطعة دعوى أضرار ضد «معريف » جراء تشويه الحقائق، هل ستصدر محكمة الصلح في تل أبيب قرارًا لصالحهم؟
وهل من المحبذ هنا تبني «الاختراع العربي»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق