بقلم : الحاج عبود الخالدي
من المؤكد فطرة ً ان العقل كيان حيوي فعـّال رغم ان ذلك الكيان غير مرئي الا انه يشكل حضورا عند الانسان في حالة الصحو ... وبما ان العقل لا يرى ولا يملك مقاييسس ومعايير ثابتة في واحة المعرفة والعلوم فان العقل قادرا لان يمنح حامله هوية عقلانية تتحدث عن ذلك الكيان وممارساته العقلية فمن البديهي ان الطبيب يعرف ان هويته العقلية تمارس الطب وان المهندس يعرف هويته العقلية ومثله الحرفي والشاعر والرسام وغيرهم وما يهمنا هنا هو استدراج عقولنا على طاولة بحث لغرض تشريح عينة من ذلك العقل لمعرفة حارة مهمة من حارات العقل الا وهي (حارة إمارة العقل) فنستحضر على طاولة البحث تلك ظاهرة لنرصد سور (الخفاء العقلي) ونجده (مثلا) عند القاتل او الجاني عموما والذي يستطيع ان يأمر عقله بعدم البوح باي اشارة تدل على انه الجاني فتظهر على طاولتنا العقلية إمارة العقل لعلنا ندرك اميرها ..!!
بذلت جهود لا حصر لها من اجل اختراق العقل الانساني والوصول الى المعلومة المخزونة داخل ذلك الكيان الا ان محاولات السابقين والمعاصرين ناطحت صخرة صماء ولم يستطع حتى علماء التقنيات من عبور سور العقل للوصول الى امير العقل لاجباره على التنازل من امارته ..!! عدا تلك المحاولات القهرية التي تجبر حامل السر على البوح بخزين معلوماته او محاولات التحايل على حامل السر ليبوح بسره بعد نجاح فاعلية الاحتيال عليه وتبقى مراصدنا البحثية متعلقة بامير العقل الذي يسمح ولا يسمح بافشاء سره وكثيرا من حالات القهر وحالات التحايل تفشل امام اصرار امير العقل ...
(قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً) (الجـن:22)
اللحد في مقاصدنا هو وعاء (حاوية) خفاء جثة الميت وبخفاء جثته يختفي سره معه واللحد صفة تختص بالموتى فان اخفيت جثة احد الاحياء فلن يكون وعاء الخفاء لحدا بل مخبأ الا ان اللحد خاص باقفال فاعليات جسد الميت ومنها العقل والاسرار التي يحملها .
ذلك السور العقلي الذي يمثل حارة امارة العقل البشري جاء مثله في القرءان الكريم ووضع آلية اختراقه بعد الموت في اكثر الامثلة القرءانية حرجا الا وهو مثل بقرة بني اسرائيل
(وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:72)
في ذلك المثل القرءاني (بقرة بني اسرائيل) مفتاح عقلي خطير وهو يمكن ان يتحول الى مفتاح علمي خطير الا ان حملة القرءان يهجرون القرءان ويحتظنون تفسيره فاصبح القرءان في رف قدسي
لا يمكن الوصول الى امارة العقل الا من خلال الله لان امارة العقل لا تخترق ومثل بقرة بني اسرائيل واضح في تفصيل تسلسلية الامر الالهي للوصول الى سر القاتل الذي درء عند القتيل ودرء عند القاتل في امارته العقلية بحيث اصبحت عملية اخراج ما كانوا يكتمون بتفصيل مباشر من الله سبحانه فكل خفايا العقل البشري تلتحد عند الله والله مخرج ما يكتم العقل البشري
(يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر:19)
حملة القرءان عزلوا انفسهم عن القرءان بصفته وعاء علمي مما جعل الامم غير المسلمة تتقدم عليهم كثيرا وتجعل المسلمين تابعين لهم ويحتاج العقل المسلم ان يعرف إمارته العقلية قبل ان يبحث عن إمارة اسلامية وبالتالي فان أمير العقل مطالب بالعدل قبل ان يطلب العدل من حاكم او حكيم
تلك ذكرى لمن يبحث عن العدل ليعرف ان الباحث عن العدل يكون فاقدها في امارة عقله ..!!
الحاج عبود الخالدي
ـــــــــــــــــــ
مصدر : المعهد الاسلامي للدراسات الاستراتيجية المعاصرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق